إذا وجدته في قطر فهو مسافر، وإذا سافر فهو مقيم! في حياته، مؤتمن على خاصيات أحبابه، ومشكلاتهم الاجتماعية، وهو القاضي والمصلح في الزواج والطلاق، واليه تتوجه صدقات وزكاة المخلصين لتصب في نهر الخير إلى كل محتاج وطالب علم في سائر أنحاء العالم الإسلامي، وفي كل أوقاته يعطي علماً، وعظاً، حباً، حتى سمع به ونال من عطائه أولئك المسلمون في روسيا رغم الشيوعية ودكتاتوريتها.
في وفاته جاء إلى الدوحة (420) مُعزًّ، أما البرقيات فقد بلغت (1400) برقية، إنه فضيلة الشيخ عبد الله بن إبراهيم الأنصاري.
- ولد في مدينة الخور سنة 1340هـ، وحفظ القرآن في سنة الثانية عشر، بعدها بأربع سنوات ذهب إلى الاحساء بالسعودية طالباً العلم بد أن أذن له والده القاضي بذلك، حيث درس الفقه المالكي والمواريث والتجويد والنحو والحديث والتفسير.. وإلى مكة ظل هناك يواصل رحلة العلم حيث درس الموطأ وكتاب التوحيد وصحيح مسلم والتفسير والبلاغة.. وظل بأم القرى خمس سنوات.. غير ثلاث بالاحساء.
- في عام 1367هـ، ذهب للدمام طالباً للعمل وظل بها خمس سنوات ما بين تعليم وتدريس وقضاء وإمامه حتى طلبه صاحب السمو الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني حاكم قطر آنذاك (1372هـ) فعاد بعد أن سمح له الملك سعود بن عبد العزيز ملك السعودية بالعودة.
- أنشأ أول معهد ديني في قطر سنة 1376هـ وأستمر ثلاث سنوات، ضُم بعدها إلى إدارة المعارف وأحيل إلى المدرسة الجديدة الابتدائية التي عرفت بعد ذلك بمدرسة صلاح الدين الأيوبي.
- أسندت إليه مسؤولية إدارة الشؤون الدينية والقروية التابعة لوزارة المعارف، وكان من شؤونها الإشراف على العلوم الشرعية وكتبها ومناهجها وما يتعلق بها من تعليم وخدمات عامة في الطرق والمواصلات والإسكان حتى عام 1397هـ، حيث أُنشئت إدارة الشؤون الدينية على مستوى دولة قطر إليه، واختصت بالوعظ والإرشاد ونشر التراث الإسلامي وطباعة الكتب الإسلامية وتحقيقها ومراجعتها وإنشاء مراكز لتحفيظ القرآن الكريم.
- وفي العام 1402هـ تحولت تلك الإدارة بمرسوم أميري إلى إدارة إحياء التراث الإسلامي، ولها التخصصات والأهداف نفسها.
- برز دور إدارة إحياء التراث الإسلامي، كهيئة تغطي في أنشطتها مختلف أنحاء العالم الإسلامي في أمرين: طباعة وتوزيع المصحف الشريف، طباعة وتوزيع الكتب الإسلامية المختلفة بخاصة كتب التراث الإسلامي.. وذلك بلغات مختلفة.
- بلغ عدد الكتب التي وزعت في 29 دولة تشمل القارات الخمس عام 1406هـ فقط (110431) كتاباً إسلامياً.. وقد اشتمل هذا العدد على قطاع غزة والضفة الغربية المحتلين. وقد طبع من المصحف من 8-10 طبعات مختلفة.
- أقام عدة ندوات إسلامية في مساجد الدوحة على مدار أيام الأسبوع وما زال بعضها قائماً، يقدم فيها العلماء إرشادهم ووعظهم.
- عضو في أغلب الهيئات الإسلامية، لعل من أهمها رابطة العالم الإسلامي التي كلفته بالإشراف على المصالحة بين منظمات الجهاد الأفغاني مع علماء آخرين، ولقد وفقهم الله في إتمام هذا الصلح في بداية حركة الجهاد.
- أشرف على مدارس تحفيظ القرآن الكريم في قطر، وأجرى لها مسابقات سنوية، إضافة إلى تشجيع الطلاب على الاشتراك فيها، وصرف مكافآت تشجيعية لهم.
- أشرف على بناء مساجد عدة في العالم الإسلامي، وقد بلغ عددها 36 مسجداً، في السعودية وقطر، والهند وباكستان، وموريتانيا والمغرب واليمن الفلبين وغيرها.
- أشرف على بعثة الحج القطرية لمدة ستة عشر عاماً (من 1958-1974) حيث أشرف عليها ولده محمد بعد ذلك.
- أهتم بالتقويم القطري وتوزيعه على المستحقين في شبه الجزيرة العربية، وأعده بتوقيت سائر بلاد الجزيرة، وأشرف على طباعته ونشره وتوزيعه.
- ظلت علاقته برابطة العالم الإسلامي - كهيئة إسلامية عالمية تهتم بأمر المسلمين في العالم - ذات بعد خاص، فإضافة إلى ما ذكرته عن تكليفها بالإشراف على المصالحة بين أطراف الجهاد الأفغاني، فإن صلة وثيقة بين الرابطة والشيخ وإدارة إحياء التراث بإرسال شاحنات الكتب للرابطة لنشرها على المسلمين في أنحاء العالم، فتكونت بذلك سمعة طيبة لدولة قطر.. وفي كل مسجد من مساجد العالم الإسلامي تجد مصحفاً أو كتاباً قد طبعته دولة قطر.. حتى مساجد روسيا التي فتحت مؤخراً تحت ظل الحرية النسبية في سياسة البروسترويكا التي تزعمها ميخائيل غورباتشوف.
- وأخيراً فقد عرف عنه طاقة واسعة في أداء عدة أعمال في آن واحد، قال لي أحد المعاصرين له وزامله في أكثر من عمل: لقد كان مُدرساً في مدرسة صلاح الدين، ومديراً للمعارف، ومديراً لإدارة شؤون القرى.. كل ذلك في آن واحد.. وأضاف: كان بكاءً، لذكر الله، خاشعاً، طيب السريرة والطوية رحمه الله رحمة واسعة.
- وبعد فهذا أنموذج من الشخصيات الإسلامية الفعالة في إعادة مجد الحضارة الإسلامية، ليتخذها جيل الصحوة قدوة على الطريق.