الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من تهيج القولون العصبي وتنتابني نوبات قلق دون سبب!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ صغري ولدي مشاكل في الجهاز الهضمي، من انتفاخ وغازات وغيره، ولطالما كان وزني زائدًا، وأجد صعوبة في إنقاصه، حتى شهر رمضان قبل عامين، وبدون أي مجهود نزل وزني 10 كيلوجرامات، ولم أكن أمارس الرياضة، بالإضافة إلى عادات الأكل السيئة لدي، واستمر الوضع حتى رمضان من العام الماضي، وأصبت بوعكة تتلخص بوجود ألم قوي في البطن، أفقدني وعيي لثوانٍ، تَلت هذه الحادثة أشهر من نوبات الهلع والاكتئاب والخوف المستمر من الموت، أو الخوف من التعرض لتلك الوعكة مجددًا.

قرأت بعض المقالات التي عرفت من خلالها أنني مصاب باضطراب القلق، قلق ما بعد الصدمة، وقرأت حول كيفية علاجه، وتحسنتُ قليلًا، وقمت بتغيير عادات الأكل لدي، وبدأت في ممارسة الرياضة، والتقليل من التوتر، لكن هذا لم يمنع شعوري بنوبات الاكتئاب والقلق بين الحين والآخر.

راجعت الطبيب، وعمل لي سونارا، وقال: إني أعاني من القولون العصبي، ووصف لي بعض أدوية الاكتئاب، ولم أتناولها، وفي الأشهر الأخيرة وبعد استمرار تحسين عاداتي، بدأت أعاني بشكل شبه يومي من تشنجات وتقلصات شديدة على مستوى البطن تصل في بعض الأحيان لأعلى صدري، بينما كنت في السنوات الماضية أعاني فقط من آلام معظمها خفيفة.

مهما حاولت تجنب المهيجات إلا أني أعاني منها، قرأت أن الخضروات تحتوي على الألياف وهي جيدة لزيادة البكتيريا المفيدة للأمعاء، لكني أعاني من تشنجات عند تناولها، مثل القرنبيط.

فأرجو إجابتي على هذه النقطة، بالإضافة إلى أني لا زلت أعاني من نوبات الاكتئاب والقلق؛ حيث تنتابني فجأة وبدون سبب، فما نصيحتكم؟ وآسف على الإطالة.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عثمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حسب المعلومات الواردة في الاستشارة فإنك تعاني من القولون العصبي، مع حالة من القلق والاكتئاب ونوبات الهلع، وهذه الأعراض النفسية تؤثر عادة بشكل كبير على أعراض القولون العصبي، وتزيد منها، وفي هذه الحالة فإنه ينصح بداية بالمتابعة مع طبيب مختص بالأمراض النفسية، وذلك لتقييم الحالة النفسية لديك ووضع الخطة العلاجية المناسبة، ومن المؤكد عند تحسن الأعراض النفسية فإن أعراض القولون كذلك ستتحسن تلقائيًا.

كما ورد في الاستشارة بأنه قد نزل وزنك 10 كيلوجرامات دون أي حمية، أو ممارسة للرياضة، مع ازدياد الأعراض، مثل: التشنجات والتقلصات الشديدة على مستوى البطن؛ لذلك ينصح بالمتابعة مع طبيب مختص بالأمراض الهضمية، وإجراء الدراسة الطبية الموسعة، وقد يحتاج لإجراء تنظير هضمي، أو CT SCAN للبطن إن لزم الأمر، مع التحاليل الطبية اللازمة؛ وذلك لمعرفة سبب نزول الوزن بهذه الطريقة، وسبب زيادة شدة الأعراض.

وإليك بعض النصائح والتي تساعد في التخفيف من القلق والتوتر:

ينصح بمحاولة الانشغال ببعض النشاطات الاجتماعية أو الرياضية أو الدينية أو الثقافية، ومن العوامل المساعدة على الاسترخاء: تنظيم أوقات النوم، وتحديد ساعات معينة لذلك، والتخفيف بصورة كبيرة من استعمال الأجهزة الإلكترونية، مع التخفيف من المنبهات: الشاي، والقهوة، والمشروبات الغازية وخاصة الكولا.

ومن المأكولات المساعدة: المأكولات البحرية بصورة عامة، والخضراوات الطازجة، والبيض، وكذلك الشوكولاتة النقية، لما لها من تأثيرات مهدئة، وتساعد في تحسين المزاج.

وكذلك توجد بعض المشروبات التي تساعد على الاسترخاء والتخفيف من التوتر والقلق، مثل: الكمون، والبابونج، واليانسون، والنعناع، وعصير الليمون والبرتقال.

مع ممارسة الرياضة اليومية، وخاصة رياضة المشي والسباحة، إذ يعتبران من العوامل المساعدة على الاسترخاء.

ونرجو لك من الله دوام الصحة والعافية.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة: د. محمد مازن .. تخصص باطنية وكلى.

تليها إجابة: د. محمد عبدالعليم .. استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية.

أجابك -الأخ الدكتور محمد مازن- على المكون الطبي في استشارتك، وأنا أقول لك: إن مفهوم القولون العصبي من المفاهيم التي أصبحت معروفة لكثير من الناس، وإن كان البعض قد يختلط عليه الأمر فيما يتعلق بأسباب تهيج القولون، هل هي العوامل النفسية، هل هي العوامل العضوية، أو كلاهما مع بعضهما البعض؟

عمومًا القولون العصبي -أو الذي يجب أن يُسمَّى القولون العُصابي، بمعنى أن القلق قد يكون أحد العوامل الذي يلعب دورًا فيه- علَّة شائعة جدًّا وسط الناس، خاصة الذين لديهم ميول للقلق النفسي والتوترات النفسية وسرعة الانفعال والغضب؛ لذا نحن دائمًا ننصح بمعالجة هذه الأسباب، الذي يغضب نقول له: لا تغضب، عبّر عن وجدانك، عبّر عن مشاعرك، تجنب الكتمان، طبّق ما ورد في السنّة النبوية المطهرة حول إدارة الغضب، مارس الرياضة، مارس التمارين الاسترخائية، نظّم وقتك، تجنب السهر...، هذه كلها معينات جيدة جدًّا للتقليل من وطأة القولون العصبي أو العُصابي.

أودُّ أيضًا أن أن ألفت نظرك لشيءٍ مهمٌّ جدًّا، وهو أن كثيراً من الذين يشتكون من القولون العصبي والغازات في الحقيقة قد يكون لديهم حساسية من اللاكتوز، واللاكتوز طبعًا يُوجد في الحليب، فالإنسان يمكن أن يختبر نفسه من خلال التوقف عن الحليب ومستخرجات الحليب لفترة، وإذا تحسَّن فهذا يعني أن لديه حساسية اللاكتوز، وإذا أثبت أن هنالك حساسية اللاكتوز فهنالك حليب منزوع اللاكتوز موجود في الأسواق.

طبعًا من الضروري بالنسبة لك أن تنظم نمط حياتك كما ذكرنا سلفًا من خلال: ممارسة الرياضة، والتمارين الاسترخائية، والتعبير عن النفس من الأمور المهمة جدًّا، أضف إلى ذلك تجنب السهر، ولا بد أن تجعل أيضًا نمط حياتك إيجابياً من خلال الفعاليات، من خلال وضع أهداف، ووضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك، الإنسان لا يمكن أن يحس بكينونته وقيمته الداخلية وقيمته الذاتية إلَّا من خلال فعالياته، من خلال ما يُقدّمه لنفسه وللآخرين، من خلال إنجازاته، وهذا طبعًا يرتقي بالصحة النفسية وكذلك الصحة الجسدية عند الإنسان، فأرجو أن تتبع هذا المنهج وتطبقه كمنهج علاجي أصيل.

سيكون من المهم جدًّا لك أن تتناول أدوية بسيطة مضادة لتوترات القولون وللقلق وللخوف وللهلع، ومحسّنًة للمزاج، هنالك عقار يُعرف باسم (سيرترالين) من الأدوية الممتازة جدًّا، هذا هو اسمه العلمي، وله عدة مسميات تجارية، منها (زولفت) و(لوسترال)، أنت تحتاج أن تتناوله بجرعة صغيرة، وهي أن تبدأ بنصف حبة -أي 25 مليجرام- يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول السيرترالين.

يُضاف للسيرترالين دواء آخر مساعد يُعرف باسم (دوجماتيل) هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (سولبيريد)، جرعة الدوجماتيل هي 50 مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم 50 مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

كلا الدواءين من الأدوية السليمة والفاعلة وغير الإدمانية، والجرعة التي وصفناها هي جرعة صغيرة، لكنها بحول الله وقوته ستكون مفيدة جدًّا بالنسبة لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً