الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلفت على ابنها ألا يلعب قاصدة ردعه، فسمح له أبوه باللعب

السؤال

قبل عدة أيام حلفت، ولم يكن قصدي، ولكن خرج الحلف من لساني دون قصد، وأردت ردع ابني لكي يقرأ؛ لأن عنده مجالًا للعب في العطل، فقلت: "والله بعد ما تلعب"، وبعدها قرأ، وأتى بعلامات جيدة، فسمح له أبوه باللعب، فهل عليّ كفارة؟ فحين قلتها كان القصد التخويف فقط، ولم تكن نيتي القسم - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الحلف دون قصد اليمين هي من لغو اليمين، الذي لا يؤاخذ به، كما في قوله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ {البقرة:225}، وقوله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ {المائدة:89}، والمراد بعدم القصد في اليمين ما بينه الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب بقوله: (وَمَنْ حَلَفَ بِلا قَصْدٍ) بِأَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى لَفْظِ الْيَمِينِ بِلا قَصْدٍ، كَقَوْلِهِ فِي حَالَةِ غَضَبٍ، أَوْ لَجَاجٍ، أَوْ صِلَةِ كَلامٍ: لا وَاَللَّهِ تَارَةً، بَلَى وَاَللَّهِ أُخْرَى (أَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ) بِأَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ، فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى غَيْرِهِ (فَلَغْوٌ) أَيْ: فَهُوَ لَغْوُ يَمِينٍ؛ إذْ لا يَقْصِدُ بِذَلِكَ تَحْقِيقَ الْيَمِينِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} وَلِخَبَرِ {لَغْوُ الْيَمِينِ: لا وَاَللَّهِ، وَبَلَى وَاَللَّهِ}. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ حِبَّانَ، وَصَحَّحَهُ. اهـ.

فإن كنت لم تقصدي الحلف أصلًا، وإنما جرى لفظه على لسانك دون قصد: فيمينك غير منعقدة، ولا يلزمك شيء، على أن قصد منع الولد من اللعب، وحثه على القراءة، لا ينفي قصد اليمين، وانعقادها.

وحيث كانت يمينك منعقدة: فإنك تحنثين بلعب الولد، وتلزمك كفارة يمين، جاء في كشاف القناع: (وإن قال: والله ليفعلن فلان كذا، أو) والله (لا يفعلن) فلان كذا، فلم يطعه (أو حلف على حاضر، فقال: والله لتفعلن) يا فلان (كذا، أو لا تفعلن كذا، فلم يطعه حنث الحالف) لعدم وجود المحلوف عليه (والكفارة عليه) أي: الحالف في قول ابن عمر، والأكثر، و(لا) تجب الكفارة (على من أحنثه) لظاهر قوله تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان} [المائدة: 89]. اهـ.

وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 11096، والفتوى رقم: 6644.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني