السؤال
قال تعالى: (يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه* وصاحبته وأخيه * وفصيلته التي تؤويه * ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه* كلا). [المعارج : 11-15] لماذا لم يقع ذكر الوالدين في حين أنهم أقرب الناس للعبد؟ قال الله تعالى: (فإذا جاءت الصاخة * يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ). [ عبس : 33 - 37].
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السبب في عدم التصريح بالوالدين في سورة المعارج هو الاكتفاء بدخولهما في الفصيلة في قوله (وفصيلته) فهي شاملة للأبوين, ولم يُفرَد الأبوانِ بالذكر لأجل الإيجاز, فهما داخلان في عموم الفصيلة.
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: والفصيلة: الأقرباء الأدنون من القبيلة، وهم الأقرباء المفصول منهم، أي: المستخرج منهم، فشملت الآباء والأمهات. قال ابن العربي: قال أشهب: سألت مالكا عن قول الله تعالى: وفصيلته التي تؤويه. فقال: هي أمه. اهـ، أي ويفهم منها الأب بطريق لحن الخطاب، فيكون قد استوفى ذكر أقرب القرابة بالصراحة والمفهوم. وأما على التفسير المشهور فالفصيلة دلت على الآباء باللفظ، وتستفاد الأمهات بدلالة لحن الخطاب. وقد رتبت الأقرباء على حسب شدة الميل الطبيعي في العرف الغالب؛ لأن الميل الطبيعي ينشأ عن الملازمة وكثرة المخالطة. ولم يذكر الأبوان لدخولهما في الفصيلة قصدا للإيجاز. انتهى
والله أعلم.