الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى: ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ...

السؤال

هل الأوثان التي يعبدها عبدة الأوثان جن؟
كنت أقرأ القرآن، ووجدت هذه الآيات في سورة سبأ: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ (41)، هل هذا يعني أن الأوثان التي كانت تعبد كانت جنا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الأوثان التي عبدها المشركون ليست هي الجن، بل إن الجن أضلوا المشركين، فزيّنوا لهم عبادة الأوثان، وأطاعوهم في ذلك.

يقول ابن كثير تعليقا على الآيتينِ المذكورتين في سؤالك: يخبر تعالى أنه يقرّع المشركين يوم القيامة على رؤوس الخلائق، فيسأل الملائكة الذين كان المشركون يزعمون أنهم يعبدون الأنداد التي هي على صورة الملائكة؛ ليقربوهم إلى الله زلفى، فيقول للملائكة: {أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون}؟ أي: أنتم أمرتم هؤلاء بعبادتكم؟ كما قال في سورة الفرقان: {أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل} [الفرقان: 17]، وهكذا تقول الملائكة: {سبحانك} أي: تعاليت، وتقدست عن أن يكون معك إله {أنت ولينا من دونهم} أي: نحن عبيدك، ونبرأ إليك من هؤلاء، {بل كانوا يعبدون الجن} يعنون: الشياطين؛ لأنهم هم الذين يزينون لهم عبادة الأوثان، ويضلونهم، {أكثرهم بهم مؤمنون}، كما قال تعالى: {إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا} [النساء: 117].

وفي تفسير البغوي: {بل كانوا يعبدون الجن} يعني: الشياطين، فإن قيل لهم: كانوا يعبدون الملائكة، فكيف وجه قوله: {يعبدون الجن} قيل: أراد الشياطين زينوا لهم عبادة الملائكة، فهم كانوا يطيعون الشياطين في عبادة الملائكة، فقوله: {يعبدون} أي: يطيعون الجن، {أكثرهم بهم مؤمنون} يعني: مصدقون للشياطين. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني