السؤال
هل تحل صفات الله في مخلوقاته، كمن يحفظ القرآن في صدره. فهل يمكن القول عنه بأن كلام الله الذي هو صفة من صفاته غير المخلوقة، قد حل في صدر العبد المخلوق، أو كقوله تعالى: وأشرقت الأرض بنور ربها. فهل يمكن القول بأن نور الله غير المخلوق، قد حل في الأرض المخلوقة؟
أرجو التوضيح.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعياذا بالله من أن يقال إن صفة الخالق تحل في المخلوق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى: فالصفة لا تفارق الموصوف وتحل بغيره، لا صفة الخالق، ولا صفة المخلوق. انتهى.
وراجع لتفصيل دفع الشبهة الأولى، فتوانا: 245443.
وأما إشراق الأرض بنور ربها يوم القيامة، فهو ظهور أثر تلك الصفة العظيمة بإنارة الأرض حين يتجلى الله لفصل القضاء بين عباده، لا أن نوره المقدس حل في الأرض، حاشا وكلا.
قال الألوسي رحمه الله: ولعل الأوفق بما يشعر به كثير من الأخبار أن قوله سبحانه: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها. إشارة إلى تجليه عزّ وجلّ لفصل القضاء، وقد يعبر عنه بالإتيان، وقد صرح به في قوله تعالى: يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ [البقرة: 210]. ولم يتأول ذلك السلف، بل أثبتوه له سبحانه كالنزول، على الوجه الذي أثبته عزّ وجلّ لنفسه. ولا يبعد أن يكون هذا النور هو النور الوارد في الحديث الصحيح: «إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور» ويقال فيه كالحجاب نحو ما قال السلف في سائر المتشابهات. أو هو نور آخر يظهر عند ذلك التجلي، ولا أقول: هو نور منعكس من الذات المقدس انعكاس نور الشمس مثلا من الشمس، بل الأمر فوق ما تنتهي إليه العقول، وأنى وهيهات وكيف ومتى يتصور إلى حقيقة ذلك الوصول. انتهى.
والله أعلم.