الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 301 ] فصل في العمل بالحديث الضعيف وروايته والتساهل في أحاديث الفضائل دون ما تثبت به الأحكام والحلال والحرام والحاجة إلى السنة وكونها )

ولأجل الآثار المذكورة في الفصل قبل هذا ينبغي الإشارة إلى ذكر العمل بالحديث الضعيف ، والذي قطع به غير واحد ممن صنف في علوم الحديث حكاية عن العلماء أنه يعمل بالحديث الضعيف فيما ليس فيه تحليل ولا تحريم كالفضائل ، وعن الإمام أحمد ما يوافق هذا .

قال ابن عباس بن محمد الدوري : سمعت أحمد بن حنبل وهو شاب على باب أبي النضر ، فقيل له : يا أبا عبد الله ، ما تقول في موسى بن عبيدة ومحمد بن إسحاق ؟ قال : أما محمد فهو رجل نسمع منه ونكتب عنه هذه الأحاديث يعني المغازي ونحوها ، وأما موسى بن عبيدة فلم يكن به بأس ولكنه روى عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أحاديث مناكير ، فأما إذا جاء الحلال والحرام [ ص: 302 ] أردنا أقواما ، هكذا قال العباس ، وأرانا بيده ، قال الخلال : وأرانا العباس فعل أبي عبد الله قبض كفيه جميعا وأقام إبهاميه .

وروى أبو بكر الخطيب ثنا محمد بن يوسف القطان النيسابوري ثنا محمد بن عبد الله الحافظ سمعت أبا زكريا العنبري سمعت أبا العباس أحمد بن محمد السجزي يقول : سمعت النوفلي يعني أبا عبد الله يقول : سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول : إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام شددنا في الأسانيد ، وإذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكما ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد .

وذكر هذا النص القاضي أبو الحسين في طبقات أصحابنا في ترجمة النوفلي . وذكر القاضي في الجامع الكبير أن الإمام أحمد ضعف الأحاديث التي فيها : { أول الوقت رضوان الله ، وآخر الوقت عفو الله } . قال : وإذا ثبت أن الحديث ضعيف لم يحتج به على الماء ، ثم قاله القاضي مجيبا لمن قال : إن العفو يكون مع الإساءة ; فيقتضي أن يكون مسيئا بتأخيرها ويشهد لهذا أحاديث .

قال الإمام أحمد في المسند : ثنا شريح ثنا أبو معشر عن سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : ما جاءكم عني من خير قلته أو لم أقله فأنا أقوله ، وما أتاكم من شر فإني لا أقول الشر } . أبو معشر اسمه نجيح لين مع أنه صدوق حافظ ورواه أبو بكر البزار من حديثه .

وروى الإمام أحمد أيضا عن يحيى بن آدم ثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : إذا حدثتم عني حديثا تنكرونه ولا تعرفونه فلا تصدقوا ; فإني لا أقول ما ينكر ولا يعرف } .

رواه الدارقطني وغيره من حديث يحيى بن آدم فقال عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة ولعل أحمد رواه هكذا وسقط من النسخة ، وهو حديث جيد الإسناد

. وسيأتي في كلام البيهقي في آخر الفصل ، وقال أحمد أيضا : ثنا أبو عامر ثنا سليمان يعني ابن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد بن سويد عن أبي حميد وأبي أسيد [ ص: 303 ] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم ، وتلين له أشعاركم وأبشاركم ، وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به . وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم ، وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم ، وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه } . إسناد جيد ورواه أبو بكر الخلال والذي قبله عن عبد الله ابن الإمام أحمد عن أبيه .

وروى البيهقي الثاني من حديث قتيبة عن سليمان بن بلال ومن حديث الدراوردي كلاهما عن ربيعة به قال ، وتابعه عمارة بن غزية عن عبد الملك بن سعيد بن سويد ، ووقع في رواية البيهقي عن أبي حميد أو أبي أسيد بالشك قال : وهذا أمثل إسناد روي في هذا الباب .

وقال البخاري في تاريخه : قال لنا عبد الله بن صالح ثنا بكر هو ابن مضر عن عمرو هو ابن الحارث عن بكير هو ابن عبد الله بن الأشج عن عبد الملك بن سعيد حديثه عن عباس بن سهل عن أبي رضي الله عنه { : إذا بلغكم عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يعرف ويلين الجلد ، فقد يقول النبي صلى الله عليه وسلم : الخير ، ولا يقول إلا الخير . } قال البخاري وهذا أصح من رواية عنه عن أبي حميد أو أبي أسيد قال البيهقي : فصار الحديث المسند معلولا .

وقال الحسن بن عرفة في جزئه ثنا أبو يزيد خالد بن حبان الرقي عن فرات بن سليمان وعيسى بن كثير كلاهما عن أبي رجاء عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : من بلغه عن الله شيء له فيه فضيلة فأخذ به إيمانا ورجاء ثوابه أعطاه الله عز وجل ذلك ، وإن لم يكن كذلك } . خالد قواه الإمام أحمد وجماعة وضعفه الفلاس . وأما أبو رجاء فهو محرز الجزري فيما أظن . قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد وذكره أيضا في الثقات . [ ص: 304 ] وقال : يدلس .

وقال : أبو حاتم الرازي شيخ ثقة .

وقال أبو داود : ليس به بأس ولعل هذا حديث حسن ، ويحتمل أن أبا رجاء عبد الله بن محرر براءين مهملتين وهو متروك بالاتفاق ، لكن لم أجد أحدا ذكر له كنية ، ويحتمل أنه مجهول والأول أشبه . وذكر ابن الجوزي رحمه الله تعالى في الموضوعات هذا الحديث من طريق ولم يذكره من هذه الطريقة . وعن الإمام أحمد ما يدل على أنه لا يعمل بالحديث الضعيف في الفضائل والمستحبات ; ولهذا لم يستحب صلاة التسبيح لضعف خبرها عنده مع أنه خبر مشهور عمل به وصححه غير واحد من الأئمة ولم يستحب أيضا التيمم بضربتين على الصحيح عنه مع أن فيه أخبارا وآثارا ، وغير ذلك من مسائل الفروع ، فصارت المسألة على روايتين عنه ، ويحتمل أن يتعين الثاني ; لأنه إذا لم يشدد في الرواية في الفضائل لا يلزم أن يكون ضعيفا واهيا ، ولا أن يعمل به بانفراده ، بل يرويه ليعرف ويبين أمره للناس أو يعتبر به ويعتضد به مع غيره ، ويحتمل أن يقال يحمل الأول على عدم الشعار وإنما ترك العمل بالثاني لما فيه من الشعار ، هو معنى مناسب والله أعلم .

وقال الشيخ تقي الدين عن قول أحمد وعن قول العلماء في العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال قال : العمل به بمعنى أن النفس ترجو ذلك الثواب أو تخاف ذلك العقاب ، ومثال ذلك الترغيب والترهيب بالإسرائيليات والمنامات وكلمات السلف والعلماء ووقائع العالم ونحو ذلك مما لا يجوز إثبات حكم شرعي به لا استحباب ولا غيره ، لكن يجوز أن يذكر في الترغيب والترهيب فيما علم حسنه أو قبحه بأدلة الشرع فإن ذلك ينفع ولا [ ص: 305 ] يضر ، وسواء كان في نفس الأمر حقا أو باطلا إلى أن قال : فالحاصل أن هذا الباب يروى ويعمل به في الترغيب والترهيب لا في الاستحباب ، ثم اعتقاد موجبه وهو مقادير الثواب والعقاب يتوقف على الدليل الشرعي .

وقال أيضا في شرح العمدة في التيمم بضربتين : والعمل بالضعاف إنما يشرع في عمل قد علم أنه مشروع في الجملة ، فإذا رغب في بعض أنواعه بحديث ضعيف عمل به ، أما إثبات سنة فلا ، انتهى كلامه .

وأما العمل بالضعيف في الحلال والحرام قد كان حسنا فإنه يحتج به ، وقد يطلق عليه بعضهم أنه حديث ضعيف ولم يكن حسنا لم يحتج به كما تقدم . وقد قال الإمام أحمد في رواية مهنا : { الناس أكفاء إلا حائك أو حجام أو كساح } هو ضعيف والعمل عليه .

وقال القاضي أبو الخطاب : معنى قوله : ضعيف على طريقة أصحاب الحديث ; لأنهم يضعفون بالإرسال والتدليس والعنعنة ، وقوله : والعمل عليه على طريقة الفقهاء ; لأنهم لا يضعفون بذلك .

وذكر أبو بكر الخلال في التيمم من جامعه في حديث عمرو بن بجدان عن أبي ذر مرفوعا { : الصعيد الطيب وضوء المسلم } إن أحمد لم يمل إليه قال : لأنه لم يعرف عمرو بن بجدان ، وحديث عمرو بن بجدان هو حديث تفرد به أهل البصرة ولو كان عند أبي عبد الله صحيحا لقال به ، ولكنه كان مذهبه إذا ضعف إسناد الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مال إلى قول أصحابه ، وإذا ضعف إسناد الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن له معارض قال به [ ص: 306 ] فهذا كان مذهبه .

وقال الخلال أيضا في الجامع في حديث ابن عباس في كفارة وطء الحائض قال كأنه يعني الإمام أحمد : أحب أن لا يترك الحديث وإن كان مضطربا ; لأن مذهبه في الأحاديث إذا كانت مضطربة ، ولم يكن لها مخالف قال بها .

وقال القاضي أبو يعلى في التعليق في حديث مظاهر بن أسلم : في أن عدة الأمة قرءان ، مجرد طعن أصحاب الحديث لا يقبل حتى يبينوا جهته مع أن أحمد يقبل الحديث الضعيف انتهى كلامه .

والمشهور عند أهل العلم أن الحديث الضعيف لا يحتج به في الواجبات والمحرمات بتجرده ، وهذا معروف في كلام أصحابنا ، وأما إذا كان حسنا فإنه يحتج به كما سبق قال تعالى { وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } .

قال المفسرون : وهذا وإن كان نازلا في أموال الفيء فهو عام في كل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عنه ، والأخبار في هذا المعنى مشهورة صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم كخبر المقداد بن معدي كرب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته فيقول : عليكم بهذا القرآن . فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه } . وذكر الحديث رواه أبو داود بإسناده .

ورواه الإمام أحمد ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا معاوية بن صالح ثنا الحسن بن جابر أنه سمع المقدام فذكره مرفوعا ، ولفظه { : يوشك أن يقعد الرجل منكم على أريكته يحدث بحديثي فيقول : بيني وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه حلالا استحللناه ، وما وجدنا فيه حراما حرمناه . إن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله . } ورواه ابن ماجه والترمذي وقال : حسن غريب ، والبيهقي وقال : إسناده صحيح .

وروى أبو داود عن أحمد بن حنبل ، والنفيلي عن سفيان عن أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : لا ندري ، ما وجدناه في كتاب الله اتبعناه } . حديث صحيح .

ورواه ابن ماجه والترمذي وحسنه [ ص: 307 ]

وروى الخطيب في كفاية الكفاية عن الأوزاعي عن مكحول أنه قال : القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن .

وقال يحيى بن أبي كثير : السنة قاضية على الكتاب وليس الكتاب قاضيا على السنة .

وقال الأوزاعي عن حسان بن عطية كان جبريل ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم والسنة تفسر القرآن .

وقال أيوب السختياني إذا حدث الرجل بالسنة فقال : دعنا من هذا حدثنا من القرآن فاعلم أنه ضال مضل . وقال الأوزاعي قال الله تعالى { من يطع الرسول فقد أطاع الله } .

وقال { وما آتاكم الرسول فخذوه } .

وقال مالك : ما من أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقاله قبله مجاهد والشعبي وقال الشافعي : إذا صح الحديث فاضربوا بقولي هذا الحائط .

وقال الأوزاعي : قال القاسم بن مخيمرة : ما توفي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حرام فهو حرام إلى يوم القيامة ، وما توفي عنه وهو حلال فهو حلال إلى يوم القيامة . وخطب بذلك عمر بن عبد العزيز .

وقد روى أبو داود { : أن عمر رضي الله عنه سئل عن المرأة تحيض [ ص: 308 ] بعد ما طافت يوم النحر فأفتى بأنها لا ترحل حتى يكون آخر عهدها بالبيت ، فقال له السائل : إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لها ، فجعل عمر يضربه بالدرة . ويقول له : ويلك تسألني عن شيء سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم } .

وقد قال البيهقي في كتاب المدخل : قال الشافعي رضي الله عنه : قال بعض من رد الأخبار : فهل تجد حديثا فيه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله ، فما وافقه فأنا قلته ، وما خالفه فلم أقله } فقلت له : ما روى هذا أحد يثبت حديثه في صغير ولا كبير ، وقد روي من طريق منقطعة عن رجل مجهول ، ونحن لا نقبل مثل هذه الرواية في شيء ، ثم قال الشافعي : قال أبو يوسف : حدثنا خالد بن أبي كريمة عن أبي جعفر { عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه دعا اليهود فسألهم فحدثوه حتى كذبوا على عيسى فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فخطب الناس فقال : إن الحديث سيفشو عني ، فما أتاكم عني فوافق القرآن فهو عني ، وما أتاكم عني فخالف القرآن فليس عني } . قال الشافعي : وليس يخالف الحديث القرآن ولكنه يبين معنى ما أراد : خاصا وعاما ، وناسخا ومنسوخا ، ثم يلزم الناس ما سن بفرض الله ، فمن قبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن الله قبل ، واحتج بالآيات الواردات في ذلك .

قال البيهقي : وكأن الشافعي أراد بالمجهول خالد بن أبي كريمة فلم يعرف من حاله ما يثبت به خبره ، وقد روي من أوجه أخر كلها ضعيفة ، ثم ساقه من طرق متعددة كلها ضعيفة كما قال ، فمنها ما رواه من طريق حنبل بن إسحاق ثنا جبارة بن المفلس ثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم بن أبي النجود عن زر عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : إنها تكون بعدي رواة يروون عني الحديث فاعرضوا حديثهم على القرآن ، فما وافق القرآن فحدثوا به ، وما لم يوافق القرآن فلا تأخذوا } .

قال الدارقطني : والصواب عن عاصم عن زيد بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم .

قال البيهقي : أنبأنا أبو عبد الله الحافظ أنبأنا الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل حدثنا الحسين بن محمد [ ص: 309 ] بن زيادة ثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا يحيى بن آدم ثنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : إذا حدثتم عني حديثا تعرفونه ولا تنكروا ، قلته أو لم أقله فصدقوا به ، فإني أقول ما يعرف ولا ينكر ، وإذا حدثتم عني حديثا تنكرونه ولا تعرفونه فلا تصدقوا به فإني لا أقول ما ينكر ولا يعرف . ثم روي عن الإمام أبي بكر بن خزيمة أنه قال في صحة هذا الخبر مقال لم نر في شرق الأرض ولا غربها أحدا يعرف خبر ابن أبي ذئب من غير رواية يحيى بن آدم ولا رأيت أحدا من علماء الحديث يثبت هذا عن أبي هريرة .

وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين كان يحيى بن آدم يحدث عن ابن أبي ذئب بهذا الحديث وغيره يرويه عن ابن أبي ذئب مرسلا .

وقال البخاري : قال إبراهيم بن طهمان عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري فذكر هذا الحديث مرسلا قال البخاري : وهو وهم ليس فيه أبو هريرة وسبق بنحو ثلاثة كراريس في معرفة علل الحديث .

ورواه البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن محمد بن عبد الله عن ابن عبد الحكم عن ابن وهب عن الحارث بن نبهان عن محمد بن عبيد الله عن عبد الله بن سعيد عن أبي هريرة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما بلغكم عني من حديث حسن لم أقله فأنا قلته } . قال الحاكم : هذا باطل والحارث بن نبهان ومحمد بن عبيد الله العرزمي متروكان وعبد الله بن سعيد عن أبي هريرة مرسل فاحش ، ثم ذكر البيهقي حديث أبي حميد وأبي أسيد السابق .

ويجب أن يحمل ما صح من الأخبار على أحسن الوجوه وأولاهما وقد ذكرت في مكان آخر قول عمر رضي الله عنه : لا تظن كلمة خرجت من أخيك شرا وأنت تجد لها في الخير محملا .

وقال علي رضي الله عنه إذا حدثتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فظنوا به الذي هو عدل والذي هو أهنأ والذي هو أنقى ، وسبق ما يتعلق بعلل الحديث بنحو كراسين أو ثلاثة .

التالي السابق


الخدمات العلمية