الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ويبدأ بالصلاة فيصلي ركعتين ، يكبر في الأولى بعد الاستفتاح وقبل التعوذ ستا ، وفي الثانية بعد القيام من السجود خمسا . ويرفع يديه مع كل تكبيرة ، ويقول : الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما ، وإن أحب قال غير ذلك . ثم يقرأ بعد الفاتحة في الأولى بسبح ، وفي الثانية بالغاشية ، ويجهر بالقراءة ، ويكون بعد التكبير في الركعتين ، وعنه : يوالي بين القراءتين

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ويبدأ بالصلاة ) قبل الخطبة قال ابن عمر : كان النبي ، وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان يصلون العيدين قبل الخطبة متفق عليه . فلو قدم الخطبة عليها لم يعتد بها في قول الأكثر ، وكما لو خطب في الجمعة ، وذكر المؤلف أنه لم يصح عن عثمان ، وفي " شرح الهداية " أنه قدمها في أواخر خلافته ( فيصلي ركعتين ) إجماعا لما في الصحيحين عن ابن عباس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خرج يوم الفطر فصلى ركعتين ، لم يصل قبلها ولا بعدها ، ولقول عمر : صلاة الفطر والأضحى ركعتان ركعتان ، تمام من غير قصر ، على لسان نبيكم ، وقد خاب من افترى . رواه أحمد ( يكبر في الأولى بعد ) الإحرام و ( الاستفتاح ، وقبل التعوذ ستا ) زوائد ( وفي الثانية بعد القيام من السجود خمسا ) زوائد ، [ ص: 184 ] نص عليه ; وهو الذي ذكره أكثر الأصحاب لما روى أحمد : حدثنا وكيع حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن سمعه من عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة ، سبعا في الأولى ، وخمسا في الآخرة إسناد حسن . قال عبد الله : قال أبي : أنا أذهب إلى هذا ، ورواه ابن ماجه ، وصححه ابن المديني ، وفي رواية أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : التكبير سبع في الأولى ، وخمس في الآخرة ، والقراءة بعدهما كلتيهما رواه أبو داود ، والدارقطني ، وعنه : سبع زوائد في الأولى ، روي عن أبي بكر ، وعمر ، وعلي ، والفقهاء السبعة ; وهو ظاهر ما تقدم ، وعنه : خمس في الأولى ، وأربع في الثانية ، واحتج بفعل أنس ، وعنه : يصلي أهل القرى بغير تكبير ، قال أحمد : اختلف أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في التكبير ، وكل جائز ، وقال ابن الجوزي : ليس يروى عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في التكبير وفي العيدين حديث صحيح ، وقد علم منه أن التكبير في الأولى بعد الاستفتاح ، وقبل التعوذ ; وهو السنة ، نص عليه ; لأن الاستفتاح لأول الصلاة ، والاستعاذة للقراءة ، وعنه : الاستفتاح بعد التكبيرات الزوائد ، اختاره الخلال وصاحبه ; لأن الاستعاذة تلي الاستفتاح في سائر الصلوات ، فكذا هنا ، والقراءة بعد الاستعاذة ، وعنه : يخير ( ويرفع يديه مع كل تكبيرة ) نص عليه ، لحديث وائل بن حجر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يرفع يديه مع التكبير قال أحمد : فأرى يدخل فيه هذا كله ، وعن عمر أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة في الجنازة والعيد ، وعن زيد كذلك ، رواهما الأثرم ، ( ويقول ) بين كل تكبيرتين وعقب الآخرة منها في ظاهر كلامه ، وصححه في " شرح الهداية " ، والمذهب أنه لا يأتي بالذكر بعد التكبيرة الأخيرة في الركعتين ( الله أكبر كبيرا والحمد لله [ ص: 185 ] كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما ) لما روى عقبة بن عامر قال : سألت ابن مسعود عما يقوله بعد تكبيرات العيد قال : يحمد الله ، ويثني على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رواه الأثرم وحرب ، واحتج به أحمد ، ولأنها تكبيرات حال القيام فاستحب أن يتخللها ذكر كتكبيرات الجنازة ( وإن أحب قال غير ذلك ) لأن الغرض الذكر بعد التكبير ، لا ذكر مخصوص لعدم وروده ، فلهذا نقل حرب أن الذكر غير مؤقت ، يؤيده أنه روي عنه : يحمد ويكبر ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنه : ويدعو ، وعنه : ويسبح ويهلل ، وظاهره : قول شيء لا وقوف مجرد .

                                                                                                                          فروع : الأول : إذا شك في عدد التكبير بنى على الأقل .

                                                                                                                          الثاني : إذا نسي التكبير حتى ركع سقط ، أو لم يأت به ; لأنه سنة فات محله ، وكذا إن ذكره قبل الركوع في الأصح ، كما لو نسي الاستفتاح ، أو التعوذ حتى شرع في القراءة ، والثاني لا يسقط ، فعلى هذا يأتي به ، وإن كان فرغ من القراءة لم يعدها ، وإن كان فيها أتى به ثم استأنفها لتسلم من أن يتخللها غيرها ، وقيل : إن كان المنسي يسيرا لم يستأنف القراءة . الثالث : إذا أدرك الإمام راكعا أحرم ثم ركع ، ولا يشتغل بقضاء التكبير ; لأنه ذكر مشروع كالاستفتاح ، وكما لو نسيه الإمام حتى ركع ، وإن أدركه قائما بعد فراغه لم يقضه ، نص عليه ، وقال ابن عقيل : يأتي [ ص: 186 ] به ، وعن أحمد : إن لم يسمع قراءة الإمام ، اختاره بعض أصحابنا ، فإن سبقه ببعض التكبير ، فعلى الخلاف .

                                                                                                                          ( ثم يقرأ في الأولى بعد الفاتحة بسبح ، وفي الثانية بالغاشية ) على المذهب ، لما روى سمرة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقرأ في العيدين بـ " سبح اسم ربك الأعلى " ، و " هل أتاك حديث الغاشية " رواه أحمد ، ولابن ماجه من حديث ابن عباس والنعمان بن بشير مثله ، وروي عن عمر ، وأنس ، ولأنه فيه حث على الصدقة والصلاة في قوله قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى هكذا فسره سعيد بن المسيب ، وعمر بن عبد العزيز ، وعنه : الأولى ( ق ) والثانية ( اقتربت ) اختاره الآجري لفعله ـ عليه السلام ـ رواه مسلم ، وعنه : ( لا توقيت ) اختاره الخرقي ( ويجهر بالقراءة ) لما روى الدارقطني عن ابن عمر قال : كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يجهر في القراءة في العيدين ، والاستسقاء وقال المجد : لا نعلم فيه خلافا إلا ما رواه الحارث الأعور عن علي أنه كان يسمع من يليه ، ولم يجهر ذلك الجهر ، قال في " الشرح " : وحكاه ابن أبي موسى عن أحمد ( ويكون بعد التكبير في الركعتين ) هذا هو المشهور ، وقاله الفقهاء السبعة ، وذكره ابن المنذر عن ابن عباس ، ولأنه تكبير في إحدى ركعتي العيد ، فكان قبل القراءة كالأولى ( وعنه : يوالي بين القراءتين ) اختاره أبو بكر ; وهو قول جابر بن عبد الله ، وعقبة بن عامر ، ذكره ابن المنذر ; لأنه ذكر مسنون في قيام الركعة الأخيرة ، فكان بعد القراءة كدعاء القنوت .



                                                                                                                          الخدمات العلمية