الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف البنات من أمهن التي تدعو عليهن وتسيئ معاملتهن

السؤال

نحن عائلة مكونة من أب وأم وخمس بنات، والأم تزوجت الأب في عمر 15 عاما، وعانت منه القسوة واللؤم والغدر والأنانية والبخل وعدم ستر ظهرها وعرضها أمام إخوته وأخواته حتى أصبحت هي وأشياؤها وحياتها الخاصة مستباحة للقريب والغريب، ولا تنسى ماعانته من زوجها وعائلته حتى أصبح حقدا وغلا بداخلها على العالم كله بما فيه بناتها الخمس، حيث أصبحت تصب كل أنواع وألوان الحقد والغل عليهن ومن ذلك: الاضطهاد بالقول والفعل أمام القريب والغريب، والضرب المبرح بأي شيء متاح ومؤذ، والتخوين المستمر والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية، والدعاء المستمر بسبب وبدون سبب: الله يغضب عليكن..... إلى آخر ذلك من هذه الأدعية، والمشكلة أننا نزحنا من ضمن الذين نزحوا إلى تركيا وأصبحنا نعاني القسوة والحرمان والاضطهاد أكثر، والدعاء الذي يهز عرش الرحمان، ونعيش قمة الجحيم والتوتر الذي تنشره أمي داخل المنزل، ولم نعد نطيق أو نحتمل ما نحن فيه، ملاحظة: أعمارنا تتراوح بين 24ـ 31 سنة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله جل وعلا أن يلطف بكن، وأن يُذهب عنكن الهم والحزن، ولا ريب في أن ما ذكرته من سوء تعامل الوالدة يوجب انكسار القلب، ويعتصر به الفؤاد ألما، لكن للمؤمن في رحمة الله غنى عن البشر كلهم، وشدة البلاء يعقبها الفرج واليسر ـ بإذن الله ـ والمصائب كفارات ورفعة للمؤمنين، وإساءة الظن بالله واليأس من روحه وفرجه والقنوط من رحمته وفضله، كلها من كبائر الخطايا، فاحذروا من الوقوع فيها، وإساءة الوالدة لا تسقط حقها عليكم في البر والإحسان، ومن خير ما تدفعون به إساءتها هو الإحسان إليها، فإن الإحسان يصير العدو وليا، كما قال سبحانه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.

واضرعوا إلى الله أن يهدي والدتكن، وأن يعطفها عليكن ويكفيكن شرها، وما تقوم به والدتكم من الدعاء عليكن بغير حق لا يجوز، وهو دعاء مردود غير مجاب، كما في جاء الحديث: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم. رواه مسلم.

والدعاء بغير حق من الإثم، فلن يضركن دعاء والدتكن عليكن بغير حق، ولا حرج عليكن في النقلة إلى مسكن مستقل عن والدتكن لاتقاء شرها بشرط الأمن من الفتنة والبعد عن الريبة وإساءة الظن بكن، وهذا ما لم تتضرر الأم من ذلك وراجعي الفتوى رقم: 114563.

وننبهك ـ أيتها الأخت ـ إلى أن قولك: والدعاء الذي يهز عرش الرحمن ـ لا ينبغي إطلاقه، فمثل هذا التعبير يفتقر إلى دليل يسوغه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني