السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
في حقيقة الأمر أنا أعاني من مشكلة خاصة أود أن أعرف رأي الشرع فيها، فمشكلتي هذه مشكلة غريبة لا أظن بأنكم قد سمعتم بها من قبل، وهي مشكلة محرجة بالنسبة لي، وقد قررت أخيراً أن أعرضها عليكم بعد أن طال أمدها وضاق بها صدري لولا رحمة ربي، وأني لأعلم أنكم لن تنفعوني إلا بشيء قد كتبه الله لي ولن تضروني إلا بشيء قد كتبه الله علي، فلعل وسيلة الخلاص من هذه المشكلة تكون على أيديكم بإذن الله تعالى، فمشكلتي باختصار هي:
منذ سنتين تقريباً كنت ما زلت في السادسة عشرة من عمري، ولم أحدد مسار حياتي بعد وكنت مضطرباً ما بين خير وشر، ولم يكن مجتمعي مجتمعاً واعياً، كنت حينها أبحث عن شخص يفهمني ويقدر مشاعري ويبين لي الصواب من الخطأ، وكنت أعين أبي الذي كان يعمل حينها في محل ما، حيث كنت أذهب بدلاً عنه في معظم الأيام بما أنها كانت إجازة الصيف، وكانت مجموعة من الفتيات يعملن في مصنع بجانب المحل الذي كنا نعمل به، واللاتي كاد بعضهن أن يجررنني إلى عصيان ربي، إلى أن جاء شاب وعمل بمحل آخر بجانبنا وكان يعمل في الفترة المسائية، تعرفت عليه وكنا نجلس مع بعضنا ونتبادل أطراف الحديث معاً، وكنت أشعر بأن شيئاً يربطني ويشدني إليه وإلى لقائه.
ظللنا نلتقي لمدة أسبوعين تقريباً، غبت أنا لمدة أسبوع لظرف ما، وعندما عدت وجدته قد رحل هو الآخر ولم تكن لدي أي وسيلة تدلني عليه، بعد أيام قليلة اشتقت إليه، وكانت تراودني حالة غريبة في كل ليلة تقريباً من تلك الليالي، وهي أن أنهض فزعاً خائفاً من نومي في منتصف الليل، وأنا أتذكر عذاب الله وشدة ما أقترفه من ذنب في متابعتي لتلك الفتيات، وفي استماعي للأغاني، وفي تقصيري في أداء العبادات رغم أني لم أترك صلاة متعمداً تقريباً، كنت حينها لا أدري ماذا أفعل، وصدري يضيق وأنا أتذكر كلام وتصرفات ذلك الشاب التي كانت كلها أخلاق وتصرفات تدل على قوة إيمان ذلك الشاب وتعلقه بدينه، قررت حينها أن أتوب إلى ربي وأن أصحح أخطائي وأعيد حفظ ما نسيته من كتاب الله تعالى، من المؤكد أن الهداية هي بيد الله سبحانه وتعالى؛ لكن هذا الشاب كان سبب هدايتي، وخصوصاً أنني توقفت من الاستماع إلى الأغاني بسببه وبكلماته النيرة، فالحمد لله الذي هدانا لنوره.
المشكلة هي أنني أحببت ذلك الشاب حباً في الله لا أقدر أن أصفه، ولم نلتق إلا في صدف نادرة لم أستطع أن أخبره عما يدور في قلبي تجاهه، وكلما رأيته راودني شعور غريب ورجفة في جسدي لا أدري ما سببها، ومنذ سنتين حتى يومي هذا وهو لا يغيب عن بالي، فذكره دائم في قلبي وشوقي يزداد إليه، وأملي أن يكون رفيقي يكبر يوماً بعد يوم، ولقد تصادفنا في مسجد من مساجد البلدة منذ مدة قريبة والصلاة تقام، قمت لأصلي فسلمت عليه، وتركت في نفسي أنه لو كان هناك ما يربطنا فعلاً لانتظرني بعد فراغه من الصلاة، عندما أنهيت صلاتي نظرت فلم أجده، حاولت أن أقنع نفسي بأن تلك الأحاسيس لم تكن إلا وهماً، وأن في حياته الكثير غيري، وأن علي نسيانه، لكن نفسي أقنعتني بأنه قد يكون مشغولاً، ولذلك لم ينتظرني، فلا يمضي يوم من غير أن أذكره وما زلت أدعو ربي بأن يخلصني من هذا الأمر، وأنا أقول: (اللهم بلغ قلبي لما تحب وترضى في محبته).