الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنظر للحياة؟ وهل مقياسها المال أم الجاه أم السلطان؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

كيف أنظر للحياة وما هو مقياسها؟ هل هو المال أم الجاه أم السلطان؟ ولماذا نحن في عصر الماديات، ولم لم تعد هنالك أي متعة فيها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيوب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

مرحبًا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك التوفيق وأن يأخذ بيدك لما يقربك إليه ويوصلك إلى رضوانه.

لا شك أيها الحبيب أن من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان نعمة الحياة والوجود في هذه الدار ليستعد ويتزود لما يوصله للنعيم المقيم والحياة الأبدية السرمدية في جنات عدن إذا هو أخذ بمراد الله سبحانه وتعالى، واشتغل بطاعته، فالحياة أيها الحبيب مهمة لأنها مزرعة للآخرة، وهكذا ينبغي أن ينظر إليها الإنسان المؤمن، وأن الأنفاس فيها في غاية الغلاء والأهمية، فإن أغلا ما يمتلكه الإنسان في هذه الحياة عمره ووقته، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولن يزيد المؤمن عمره إلا خيرًا) فكلما زاد عمر الإنسان فاستغله في الأعمال الصالحة كلما ازداد حظه وارتفعت درجته في جنات النعيم.

الحياة مهمة أيها الحبيب، وليس المهم فيها المال ولا الجاه ولا السلطان، المهم فيها أن يستغلها الإنسان فيما يُرضي ربه عنه وفيما يوصله إلى جنانه، وقد خاب وخسر من عُمِّر في هذه الدنيا ثم انتقل منها إلى سخط الله سبحانه وتعالى والنار، فالفوز كل الفوز والنجاح كل النجاح أن يخرج الإنسان من هذه الدنيا وقد أحسن عمارتها وأحسن العيش فيها وخرج منها برضا الله سبحانه وتعالى، كما قال سبحانه: {فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} فالدنيا تنقطع قريبًا وتنتهي سريعًا، وهي أشبه ما تكون بالزاد الذي يحمله المسافر قليل ينفد سريعًا ولكن من أحسن التصرف فيها واستعد فيها للقاء الله تعالى وأكثر من الأعمال الصالحة فهذا هو الرابح، ومن أساء واشتغل بلذائذها ونعيمها وانصرف عن طاعة الله تعالى واشتغل بملاذها وشهواتها فهذا هو الخاسر، وهذا لا يعني عدم اهتمام الإنسان بكسب المال الحلال وتحصيل الولد الصالح، فإن هذا من أسباب قيام الدين في هذه الدنيا، ومن الأسباب التي تعين الإنسان على مصالحه الأخروية، فهي كما هي من زينة الدنيا هي من مقومات الدين ومن المعينات على إتمامه.

لكن لا ينبغي أبدًا أن تكون هي محل نظر الإنسان الأكبر واهتمامه الأعظم، فقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربكم ثوابًا وخيرٌ أملا} فخير ما يكتسبه الإنسان في هذه الدنيا الأعمال الصالحات التي تبقى، والتي يدوم ثوابها ويبقى النعيم بسببها، {خيرٌ عند ربك ثوابًا وخيرٌ أملا}.

هذه الدنيا أيها الحبيب تمتع بطيباتها واكتسب من حلالها وعمّرها، ولكن لا تجعلها أكبر همّك، ولا تجعلها منتهى علمك، وإنما اجعلها مطية تركبها لتصل من خلالها إلى جنات الله، واجعلها وسيلة توصلك إلى رضوان الله، فالمال الحلال إنفاقه على الأهل والنفس ومن يستحقه من الضعفاء والمساكين كل ذلك قربات يزداد بها حظك ونصيبك عند الله تعالى، والزوجة خير متاع الدنيا وهي عون على الدين وعلى إقامته، والولد الصالح امتداد لك بعد مماتك، فإن ابن آدم إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث منها (ولد صالح يدعو له بعد موته).

هذه هي الدنيا ببساطة أيها الحبيب، فالمؤمن يعمل فيها ويعمّرها، لكن لا لذات الدنيا، ولكن ليصل منها إلى جنة الله سبحانه وتعالى، والموفق من وفقه الله.

نسأل الله تعالى التوفيق لنا ولك والسداد، وأن يأخذ بأيدينا جميعًا إلى كل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً