الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف نتعامل مع حالة أختي النفسية تجاه زواجي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ فترة تمت خطبتي من أحد أقاربي، ولدي أخت أكبر مني، وهي غير متزوجة، وموضوع خطبتي هذا أثر عليها لدرجة كبيرة جدا، وغيَّر كل حياتها فأصبحت لا تمارس حياتها بصورة طبيعية، وتكره الاختلاط بالناس، حتى أقرب الناس -أفراد الأسرة-.

هي تعيش حالة من الحزن والقلق والاكتئاب، وهي دائما تقول: إنها متخوفة من أن يتم زواجي وهي على وضعها، وتصف حدوث زواجي بأنه مصيبة لها، وتقول: إنها لا تعلم ماذا سيحدث لها إذا تم الزواج، وفعلا طلب خطيبي الزواج قبل فترة، وسألها والدي وتكلم معها، ونصحها أن تتعامل مع الأمر بقبول، ولكن وجدنا أنها تأثرت وساءت حالتها، فطلب أبي من خطيبي التأجيل خوفا عليها، ولكن لم نخبره بمشكلة أختي، والسبب الرئيسي الحقيقي للتأجيل.

عندما نتحدث معها ونحاول أن نجعلها تخرج من هذا الوضع, تقول: إن نظرة المجتمع لها أصبحت سيئة -إما أن ينظروا لها نظرة شفقة، أو نظرة استهزاء بوضعها- كون أني أصغر منها وخطبت قبلها.

تقول: إنها راضية بقضاء الله، ولن يتغير الحال إلا إذا تغيرت نظرة المجتمع لها، فنظرة المجتمع وحديث الناس وتعليقاتهم هي التي تؤثر، وليس خطبتي أو عدم رضاها بالقدر.

لا أعرف كيف أتصرف؟ وأمي وأبي في حيرة وقلق وخوف عليها، والموعد الذي أجلنا الزواج فيه يقترب كل يوم، فأنا لا أريد أن أكون سببا في حزن أختي، وحدوث مكروه لها، وأريد أن أريح أمي وأبي من هذا الهم.

مع العلم أني عرضت على أختي أن ألغي خطبتي كثيرا، ولكنها ترفض، وتقول: إنها لا تريد أن تتحمل ذنبا.

تقول لي: لو كان لي أخت أكبر مني فلن أقبل أن أخطب قبلها، وترى أننا لم نقف معها، وترى تعامل أفراد العائلة مع خطيبي بصورة طبيعية، والترحيب به إذا زارنا عدم إحساس بها، وتكره تواجد خطيبي أو أهله في منزلنا، مع العلم أنهم أقاربنا، ويأتون لزيارتنا، ولا يمكن لأبي أن يتعامل معهم بصورة غير جيدة إرضاء لها؛ لأنهم أقارب، وعلاقتنا بهم قائمه من قبل الخطبة.

أرجو المساعدة والرد عن الأسئلة التالية:

ما هو التأثير النفسي المتوقع أن يحدث لأختي إذا تم زواجي بناء على خبرتكم، أو ما مر عليكم من حالات مثل هذه؟

زيادة على التأثير الحالي، ما هي الطريقة المثلي لتعاملي مع أختي للمساعدة في حل المشكلة، وكيف يمكن علاج حالة الخوف الشديد من زواجي، لدرجة أنها تسألني عن أي مكالمة هاتفية أو إذا أتى أهله إلينا لتوقعها أن يحددوا موعدا للزواج؟

هل إذا تم زواجي ستنتهي هذه المشكلة أم ستزيد؟ باعتبار أن الضغط النفسي الناتج عن الخوف من حدوث زواجي سينتهي.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن ما حصل لأختك يحتاج إلى وقفة، ولكنه لا يكون سبباً لتعطيل المناسبة، وهذه الأمور تجري بقضاء من الله وقدر.

أرجو أن تعلم أنها ليست الوحيدة التي حصل معها مثل هذا الأمر، والسعادة ليست في الزواج وحده، ولا في المال، ولا في الوظائف، ولكن السعادة هي نبع النفوس المؤمنة الراضية بقضاء الله وقدره، والمواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته.

ولا أظن أنه سيحدث لها شيء أكثر من الذي حصل، بل لعل توترها سوف يستمر بتأخركم، وسوف يصبح الأمر عاديا بعد الزواج، وليتها علمت أن كلام الناس لا ينتهي، وأن رضاهم غاية لا تدرك، وتفهم والديك لمعاناتها سوف يخفف عنها.

قد أسعدني رفضها لاقتراحك بترك الزواج فهي من داخلها تريد لك الخير، فبادليها المشاعر، ولا طفيها، وطمئنيها، وأخبريها بأن سعادتك ناقصة، واتركي الكلام الآخر للآخرين؛ لأن تعاطفك معها هو الأساس, وسوف يكون من السهل على الوالدين والخالات والعمات مساعدتها على تجاوز تلك المشاعر السالبة.

ولا يخفى عليك أن المصلحة في إخفاء ما يحدث عن الزوج وأهله؛ لأن ذلك سوف يؤثر عليهم.

لا شك أن هذه الأمور تجري بقضاء وقدر، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، ونعم الله مقسمة، فهذا يعطيه الله مالاً، وهذا يعطيه وظيفة، وهذا يسهل لها أو له الزواج، والسعيد هو الذي يتعرف على نعم الله التي يتقلب فيها ليؤدي شكرها، وبالشكر ينال المزيد قال تعالى: {لئن شكرتكم لأزيدنكم}.

ولا يخفى عليك أن كلام الناس لا ينتهي، وأنهم يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة، ولذلك لما أراد الحكيم أن يبين لولده أن كلام الناس لا ينتهي, وأن رضاهم غاية لا تدرك، أخذ ولده وأركبه خلفه على الدابة فلما مر على جمع من الناس قالوا: ألا يخافون الله في هذه الدابة، قال لولده أسمعت ما قالوا، قال: نعم، قال: فانزل من الدابة، ثم مروا على جمع آخر، فقالوا: هذا الرجل ألا يخاف الله يركب ويجعل الطفل يمشي على الأرض، قال: يا بني أسمعت ما قالوا، قال: نعم، قال فاركب ومشى الوالد إلى جواره فلما مرروا على جمع آخر قالوا: هذا ولد قليل أدب كيف يركب والرجل الكبير يمشي، قال: يا بني أسمعت ما قالوا؟، قال: نعم، فطلب منه أن يترك وقادوا الدابة مشوا إلى جوارها فلما مروا على جمع قالوا: هؤلاء مجانين هذه الدواب خلقها الله للركوب فلماذا لا يركبونها.

وهذه وصيتي لكم جميعاً: بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وكثرة الدعاء للأخت الشقيقة، وسوف يأتيها ما قدره الله لها في الوقت الذي قدره الله، ونسأل الله أن يقدر لك ولها الخير، ثم يرضيكما به.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • باكستان ام حمزة

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    إذا كانت أختك حقاً راضية بحكم الله تعالى فأذن يجب عليها ان تصبر و تتوكل عليه عز و جل، ان شاء الله سيرزقها بمن يفرح قلبها، و ان شخصيا تزوجت بعد أختي الصغرى ب ثلاث سنوات، و الحمد لله وهبني زوجا رائعا، و ذرية صالحة، المهم هو الصبر و التوكل على الله تعالى،و بارك الله لك زواجك :)

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً