الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بالوسواس، وأريد أن أشعر بالطمأنينة، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم يا سادة جزاكم الله عنا كل خير.

أنا فتاة بعمر 21 سنة، أعاني من وسواس العقيدة وأخاف من الموت، تأتيني أفكار أن ربي غاضب مني وأن أعمالي لا تقبل وأنني منافقة، أبكي كثيراً لا أحد يعلم بهذا الأمر غير الله.

أصبت بالوسواس في العام الماضي في شهر مارس، فقدت طعم الحياة ولم أعد أفكر في مستقبلي فقط أصابني خوف وقلق وترقب، في كل لحظة أخاف من أن أموت والله غاضب علي، أنا أعلم أن الموت حق - ولله الحمد- ، لكني أخاف من كل خبر أسمعه.

- الحمد لله- أصلي وأقوم بكل واجباتي الدينية، لكن أخاف أن لا تقبل أعمالي، لم أعد أخشع في صلاتي ولا في قراءة القرآن، أخاف لأنه يأتيني صوت ويشغلني ويوسوس لي، إضافة إلى أنه تأتيني أفكار عن الله جلا وعلا وعن الحبيب صلى الله عليه وسلم، وأنا ما زلت صابرة ومتمسكة بعون الله وسأجاهد.

كيف أشعر بالطمأنينة والسكينة وحلاوة إيماني، وأنال حب ربي، وأعود لحياتي الطبيعية ؟

أفيدوني وشكراً جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تفــــاؤل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إن وساوس العقيدة من هذا النوع نشاهده كثيرًا لدى الناس في أعمار مختلفة، وتكثر هذه الحالات نسبيًا في مثل عمرك، هذه الوساوس - إن شاء الله تعالى - ليست دليلاً على ضعف إيمانك أو اضطراب شخصيتك، نحن نعرف أنها قبيحة، وهي دائمًا تتصيد الطيبين والمثاليين من الناس، وهذه الوساوس أصابت حتى خير القرون، فها هو الصحابي يشتكي إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم – أنه تأتيه هذه الوساوس من الشيطان، وقال الصحابي: (لزوال السموات والأرض أحب من أن أتكلم به) قال النبي - صلى الله عليه وسلم –: (أوجدتموه؟ ذاك صريح الإيمان).

إن - شاء الله تعالى- أنت بخير، وعلى خير، وهذه مجرد وساوس، - والحمد لله تعالى- الوساوس الفكرية الآن أصبحت تستجيب استجابة ممتازة جدًّا للعلاج الدوائي، يضاف إليه بعض التدريبات السلوكية.

التدريبات السلوكية تقوم على مبدأ أن يتفهم الإنسان الوساوس لكن لا يناقشه، ولا يتمادى في تحليله، يتفهمه: يعني أن تعرفي أن هذا وسواس، وهذا ليس فيه مسّ لعقيدتك أبدًا، وارجعي إلى ما حدث للصحابة - رضي الله عليهم - والذي أشرنا إلى أحدهم في بداية كلامنا.

الوساوس تُصد ويتم تجاهلها وتحقيرها، حين تأتيك الفكرة حقّريها، خاطبيها مخاطبة مباشرة (أنت وسواس حقير، لن ألتفت إليك، لن أتبعك) وهكذَا.

في بعض الأحيان ربط فكرة الوساوس بفكرة أخرى تكون منافية لها، أيضًا جيد، أو تكون هذه الفكرة الجديدة فكرة مؤلمة مقززة لا يرتاح لها الإنسان، ومن ثم سوف تضعف الفكرة الوسواسية، ويمكن أن نربط هذا التفكير الوسواسي بأفعال، مثلاً إذا قمت بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى تصابين بألم، وحين تضربي على يدك لابد أن تكوني في مرحلة وفترة تأمل وتفكر وتدبر في الوسواس، أي تكوني في مرحلة تفكير عميق، وحين يحدث لك الألم الناتج من الضرب، هنا وجد أن تزاوج الألم مع الوسواس يضعف الوسواس.

هذا التمرين يكرر عشر مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء.

تمارين الاسترخاء أيضًا مهمة جدًّا لصرف الوساوس، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (
2136015) أرجو أن تطبقي ما بها من إرشاد، وسوف يساعد في تقليل القلق، وحين يقل القلق وترتاح النفس وتكون في حالة استرخاء هنا تقل أيضاً حدة الوساوس.

لا تجعلي الوساوس أبدًا تعطلك من دراستك وبقية أنشطة حياتك، فصرف الانتباه أيضاً وسيلة من وسائل العلاج.

بقي أن أقول لك أن الدواء مهم وضروري، - والحمد لله تعالى- توجد أدوية ممتازة جدًّا، إن ذهبت إلى الطبيب سوف يوجهك أيضاً في هذا الخصوص، وإن لم تذهبي فالدواء الذي نرشح تناوله يسمى (بروزاك) واسمه العلمي (فلوكستين) والجرعة المطلوبة هي أن تبدئي بكبسولة واحدة في اليوم - وقوة الكبسولة هي عشرين مليجرام - استمري عليها بانتظام، تناوليها بعد الأكل، وبعد شهر اجعلي الجرعة كبسولتين في اليوم، استمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

التحسن يبدأ ثلاثة إلى أربعة أسابيع بعد بداية العلاج الدوائي.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً