الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرفض الخطاب لأنهم ليسو طلبة علم أو دعاة، هل أنا محقة في هذا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

آمل إجابتي على تساؤلي، أنا فتاة عمري 25 عاما، ملتزمة -ولله الحمد- بعد الكثير من مجاهدة النفس، والتوبة من الكثير من الذنوب من فضل الله علي، أخطب كثيراَ ولكني أرفض بحجة أن الذين يتقدمون لي غير طلاب علم أو دعاة، وأنا -ولله الحمد- أحفظ في كتاب الله ومبتدئة في طلب العلم، واشتراطي أن يكون المتقدم طالب علم أو داعية، لأنه تكون له همة مستمرة -بإذن الله- للتقدم وعدم الركود على وضع واحد، والتقرب من الله يوما بعد يوم، وهذا همي الكبير والذي أسعى له يوما بعد يوم.

وأنا وإن كنت ملتزمة في لبسي وعبايتي وعدم سماع موسيقى وأفلام، إلا أني ضعيفة في مواجهة الآخرين غير الملتزمين، وإذا جلست مع ناس غير ملتزمين أتعب كثيرا وأضطر للمجاملة لبعض معاصيهم أو عدم الإنكار، لكني -ولله الحمد- أنكر بقلبي وهذا ضعف مني، وإذا انفردت بنفسي أبكي وأشعر أني مقصرة وأندم على مجاملتي، رغما عني أنا أتعبني هذا الإحساس كثيرا، لذلك أخاف الارتباط بشخص ملتزم فقط دون أن يكون له همة أو طلب علم، ولأنه لن يكون محفزا لي، فأنا أحتاج من يساعدني بحول الله وقوته للثبات، والتقدم والتقرب من الله.

أنا أخاف جدا من قبول أي شخص وأبكي كثيرا، وأشعر أني أحيانا مخطئة، لكن والله أنا صدقا ضعيفة في المواجهة وأحيانا تضعف همتي شيئا قليلا، لكن -بفضل الله- لأن أهلي وبيئتي ملتزمة فتتجدد همتي، وأجد من يحفزني من إخواني وأخواتي. مع العلم أني أحتار أحيانا في الرفض وأقول يجب علي الزواج، لأني وأستغفر الله أحيانا أمارس العادة السرية، وأتوب وأتعصر ألما مما فعلت، وأبكي حتى أثناءها أبكي لعصياني، والله يتوب علينا.

سؤال آخر: منذ التزامي وقربي من الله أشعر بإحساس غريب، وهو أني مهما ضحكت وجلست مع أهلي أو صديقاتي في كلام مباح وضحك أو متعة ولعب، لا أشعر بمتعة ولا أشعر بأني أضحك من قلبي، أحس بفراغ وهذا الشعور أحيانا يؤلمني، لكنه يفرحني لأنه يجعلني أشعر أن الدنيا بما فيها لا تملأ قلبي، وبالعكس هذا الشعور أتقرب به إلى الله وأتوسل به أنه رغبتي في الجنة، ارزقنيها يا الله لأني لم أعد أستلذ بشيء في هذه الدنيا، ومع هذا الشعور أحب أن ألجأ إلى الله وأخبره بشعوري هذا، فهل هذا الشعور هو شعور إيماني؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سوسا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بابنتنا المعلمة، ونشكر لك هذه الاستشارة الرائعة، وهذا الحرص لا أقول على الخير ولكن على قمة الخير، فنسأل الله أن يحقق لك المراد، وأن يرزقك داعية وطالب علم يعينك وتعينيه على الثبات في هذه الدنيا المليئة بالمعاصي والمصائب، ونحب أن نؤكد لك أن مسألة رد الخطاب المتكرر يعني قد لا نوافق عليها وأنت -ولله الحمد- في أسرة طيبة، فأشركي إخوانك وأخواتك الصالحات في اتخاذ القرار المناسب، واقبلي بأفضل من يتقدم واشترطي الدين والأخلاق والهمة العالية، ونعتقد أن أمثالك من صاحبات الهمة أيضاً إذا كانت هذه الطريقة التي تفكرين بها، بالعكس تستطيعين أن تؤثري على الزوج وتؤثري على من حولك، ونؤكد لك أن كرهك للمنكر بقلبك هو خطوة، لكن نحن نريد المزيد خاصة وأنت معلمة، وهذا المجال هو ميدان للنصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمعلمات والمعلمين هم من يقومون برسالة الأنبياء، وعلى رأسهم الإمام والحبيب رسولنا -عليه صلاة الله وسلامه-.

فنسأل الله أن يزيدك حرصاً وخيراً، ونؤكد لك أن الإنسان أيضاً ينبغي أن يحشر نفسه في مراكز القرآن ومواطن الخير، ونريد للمعلمة أدوارا أخرى لأننا نريد أن تبرزي جانب الالتزام وجانب الحرص عندك، واعلمي أن النساء اللائي يجلسن حولك هن عيون للأزواج وعيون للخطاب، فلتظهر منك الغيرة على الدين والحرص على المحافظة عليه، تظهر فيك هذه الصفات الرائعة التي كُتبت وأنت تكتمين بعضها، نريد لها أن تظهر لأن الذي يتقدم يعرف عن الفتاة عن طريق أخته، عن طريق جارته، عن طريق خالته، عن طريق زميلة أخته، إلى آخره، هو لا يتقدم إلا إذا عرف، ويأتيك إذا عرف الناس منك الدين والأخلاق والصلاح والحرص سيأتيك من هذا النوع، وإذا عرف الناس منك أيضاً خلاف ذلك، سيأتي -والعياذ بالله- نوعيات أخرى، ولكن أنت لا تقبلي إلا بصاحب الدين.

ومن حقك عندما يتقدم خاطب أن تكتبي إلينا بالصفات التي عنده حتى نستطيع أن نتعاون في مسألة الاختيار الصحيح، فقد لا تجدين المتدين 100%، لكن كونه متدينا ملتزما عنده الحد الأدنى، عنده همة ورغبة في أن يتعلم، وإمكانية في أن يطور نفسه، هذا أيضاً مؤهل جيد، لأننا لا نريد أن تنتظري أشخاصا قد لا يكونون موجودين، قد لا يكونون راغبين أو قد يكونون تزوجوا أصلاً، أو قد يكونون مرتبطين، فنريد أن يكون عندك مرونة في الشروط، لأن الإسلام يشترط الدين والأخلاق، ونزيد عليه بر الوالدين، تحمل المسؤولية، حسن التعامل مع الآخرين، الأخلاق الفاضلة، صلته لرحمه، أي معاني جميلة جداً تدل على أنه هذا الدين يمثله في واقعه ويتمثل معاني هذا الدين.

ونسعد بالتواصل مع الموقع حتى نتشاور ونتحاور حول ما فيه المصلحة والخير، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً