الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر كثيرًا بالموت وبالمستقبل وأشعر بخوفٍ شديد!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قبل حوالي 10 سنوات ما كنت أعاني من شيء، ولكن ذات ليلة كنت في مناسبة زواج، ودخنت سيجارة مع اثنين من أصحابي، وانتهيت منها قبلهم، فقال واحد منهم:" أوف خلصتها كلها"، بعدها رحت للبيت، فوجدت أمي قدمت لي عشاءً معها من الزواج، أكلت منه، ونمت، بعدها أحسست بروحي تخرج، استيقظت وأنا خائف وقلق، ومن بعدها إلى اليوم وأنا متعب أحس بخوف وتفكير بالمستقبل، ودوخة، وصداع في بعض الأوقات، ولا أستطيع أن أكمل الصلاة في المسجد، وإذا وقفت في الصلاة وقتا طويلا أتعب وأحس بدوخة.

والله العظيم، تعبت لا أستطيع أن أقود السيارة مسافة طويلة، وفي بعض الأحيان أحس بنبضات قلبي تزيد، بعض الأحيان أحس نفسي ينقطع، بعض الأحيان لا أحس بنفسي، أحس أني تعبانٌ جدًا، أفكر كثيرًا بالموت، وقد فصلت من الجامعة؛ لأني لا أستطيع أن أجلس كثيرًا على الطاولة، وأحس بأني لا بد أن أستلقي على ظهري، ولا أستطيع أن أركز كثيرًا، أو أجلس كثيرًا، حتى الصلوات لا أستطيع أن أطيل فيها، وأحيانًا أتعمد الذهاب لمسجد لا يطيل الصلاة.

إذا نمت الساعة 10 مساءً، واستيقظت الساعة 6 فجرًا، عملي يكون الساعة 8 صباحًا أحس كأني منذ البارحة لم أنم، أتعب وأحس بصداع في رأسي، وإذا مشيت مسافة 700 متر أحس بدوخة ويجب أن أتوقف.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ طلال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيها الفاضل الكريم: هذه النوبات التي أتتك كانت بدايتها في شكل نوع من قلق المخاوف، وقلق المخاوف كثيرًا ما يتحول إلى نوبات هرع، وأعتقد أن هذا هو الذي حدث لك.

هذه النوبات التي حدثت لك هي من النوع الخفيف -والحمد لله-، فما تحسُّ به من دوخة وصداع وغيره بجانب الخوف هي الأعراض المثالية التي نُشاهدها في حالات قلق المخاوف ذي الطابع الفزعي.

أرجو أن تطمئن – أيها الفاضل الكريم – وأنا أفضل أن تذهب وتقابل طبيبًا نفسيًا، فعلاج حالتك ليس بالصعب أبدًا: تغيير نمط حياتك، وأن تكون أكثر إيجابية، وأن تُحقِّر المخاوف، وأن تتواصل اجتماعيًا، وأن تمارس الرياضة، أي نوع من الرياضة، خاصة رياضة المشي، وأن تطبق تمارين الاسترخاء، هذا سوف يكون مفيدًا جدًّا لك، ولا بد أن تطور علاقاتك الاجتماعية، لا تتردد في أن تكون صلاتك مع الجماعة، هذا أمر عظيم، ومرتبة سامية تسمو بالنفس وتجعلها مرتاحة مسترخية مطمئنة.

أيها الفاضل الكريم: لا بأس أن تقوم ببعض الفحوصات الطبية التأكيدية: تتأكد من مستوى الدم لديك، ومستوى السكر، وهرمون الغدة الدرقية، ووظائف الكبد والكلى، والدهنيات... هذه الفحوصات أصبحت الآن متيسرة وبسيطة، ونعتبرها قاعدة طبية مهمة جدًّا.

سوف تستفيد من أدوية بسيطة مثل عقار يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل Dogmatil)، ويسمى علميًا باسم (سلبرايد Sulipride)، وجرعة صغيرة أيضًا من دواء يعرف تجاريًا باسم (إندرال Inderal)، ويعرف علميًا باسم (بروبرانلول Propranlol).

أنت لم تذكر عمرك ونحن لا ننصح باستعمال أي دواء قبل عمر الثامنة عشر، إلا إذا كان ذلك تحت إشراف طبي نفسي، فإن كنت فوق هذا العمر لا مانع أن تستعمل الدوجماتيل بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا – أي كبسولة واحدة – لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

أما الإندرال فالجرعة المطلوبة في حالتك هي عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله، ولا بد أن ألفت النظر إلى أن الإندرال لا يُنصح باستعماله للذين يعانون من حساسية في الصدر أو مرض الربو.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً