الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتناول الأدوية ولكني ما زلت أعاني من الاكتئاب والوساوس.. فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أعاني من الوسواس القهري منذ أن كان عمري ست سنوات، لكني لم أكن أعلم أني مصاب بهذا المرض، وعندما أصبحت في الواحد والعشرين من عمري ذهبت للطبيب النفسي، ووصف لي دواءً (salipax) من أجل الاكتئاب، و(truxal) من أجل الأرق، لكني لم أر أي تحسن، بل زاد وضعي سوءاً، فالسيلابكس يسبب لي الرعشة الكثيرة والتوتر، وأشعر أني ضعيف عندما أقوم بتناوله.

عندما أخبرت الطبيب بهذا الأمر أعطاني دواءً مضاداً للرعشة، وهو (Inderal )، لكن لم أر أي تحسن فعندما أتناول الأدوية أشعر أن وضعي يزداد سوءًا، وبالنسبة للتروكسال سبب لي الإدمان فأصبحت لا أنام إلا بتناوله ودائمًا أشعر بالغثيان.

وعندها قررت عدم الذهاب إلى الطبيب؛ لأني لم أر أي تحسن -ولله الحمد- أصبحت أنام بشكل جيد الآن بسبب انشغالي بالعمل-، لكن بقيت لدي مشكلة الاكتئاب والوسواس، هل تنصحوني أن أرجع للطبيب وأتناول الدواء؟ لأن وضعي الآن سيء جداً من ناحية الاكتئاب والوساوس، حيث أي شيء أقوم بعمله أكرره أكثر من مرة، وخصوصاً فيما يتعلق بالطهارة والعبادات، دائماَ أشعر أني غير طاهر، وأي شيء أقوم بلمسه أشعر أنه متسخ، وأحيانًا أصلي، وأشعر أني لم أصل، وأحيانًا أقوم بقراءة الأذكار، وأكررها، فمثلاً "سبحان ربي الأعلى" مئة مرة، فعندما أقوم بقراءتها هناك شيء من داخلي يقول لي أنك لم تقم بقراءة مئة مرة لدرجة أني أتعب من التكرار وأتركها.

ففي الفترة الاخيرة أصبحت أعاني من هذه المشكلة كثيرًا، فأردت أن أستشيركم لتساعدوني للتخلص من هذه المشكلة.

أفيدوني، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

عقار (ساليبكس salipax)، وهو الـ (استالوبرام Escitalopram) بالرغم من أنه دواء متميز جدًّا لعلاج الوساوس القهرية وتحسين المزاج، إلا أنه لم يوافقك، وهذا نُشاهده في بعض الحالات، حيث إن التوافق الجيني مهم جدًّا لأن يؤدي الدواء فعاليته، فربما يكون هذا الدواء أصلاً غير متوافقٍ مع تركيبتك الجينية، لذا لم يُناسبك.

عمومًا أنت الآن - الحمد لله تعالى – أحوالك تحسَّنت كثيرًا فيما يخصُّ النوم، وقطعًا الفعالية الحياتية دائمًا تُحسِّنُ النوم، كما تفضلت: الانشغال بالعمل، ممارسة الرياضة مثلاً، التواصل الاجتماعي، تجنب النوم النهاري، التفكير الإيجابي، هذا كله يُحسِّن النوم، فاحرص على ذلك.

بالنسبة لموضوع الاكتئاب الذي تعاني منه: أعتقد أنه اكتئاب ثانوي، وليس أساسيًا، وأقصد بـ (ثانوي) أنه ناشئ من الوساوس القهرية، حيث إن الوسواس كثيرًا ما يؤدي إلى شعورٍ بالحزن والكدرِ، خاصة إذا كان محتوى الوساوس ذو طابع ديني كما في حالتك.

أخِي الكريم: الوساوس تُعالج من خلال عدم اتباعها، والإصرار على تحقيرها، وتجنُّب الفعل الوسواسي، هذا قد يكون ليس بالسهل، لكن ليس بالمستحيل أبدًا.

وأنا أنصحك أن تذهب وتقابل أخصائيًا نفسيًا وليس طبيبًا نفسيًا، قابل الأخصائي النفسي لتخضع لسلسلة من العلاج السلوكي، وهذا قطعًا سوف يُفيدك كثيرًا.

هنالك وسائل كثيرة جدًّا لتفتيت الوساوس سلوكيًا، والأخوة الأخصائيين النفسيين معظمهم بارعين جدًّا في هذا الخصوص، فاذهب وقابل الأخصائي النفسي، ومبادئ تجاهل وتحقير الوساوس وفعل ضدها هي المبادئ التي سوف تظل ثابتة وتسترشد بها -إن شاءَ الله تعالى-.

بعد إجراء هذه الجلسات مع الأخصائي النفسي، إذا لم تستفد الاستفادة الكبيرة، فيمكن أن يُوجِّهك الأخصائي النفسي لمقابلة طبيب نفسي، وذلك من أجل وصف أحد مضادات الاكتئاب ومزيلات الوساوس، وهي كثيرة جدًّا، إن لم يناسبك الـ (salipax) فيما مضى فالبدائل موجودة، الـ (فافرين Faverin) دواء ممتاز، الـ (بروزاك Prozac) دواء ممتاز، الـ (زيروكسات Seroxat) أيضًا نحسبه من الأدوية الجيدة، فالخيارات كثيرة وكثيرة جدًّا، ولا تنزعج أبدًا.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً