السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذه مشكلة حقيقية عند ابن أخي، بدأت منذ ولادته، وعرفناها عندما تجاوز عمره أربع أو خمس السنوات، وسامحونا على الإطالة، فالموضوع حساس!
بدا لنا هذا الطفل غريباً بحركاته وسلوكه، فكان دائماً منعزلاً عن أقرانه، لا يجاريهم حتى بأبسط الأمور، ولاحظنا عدم مقدرته على التواصل بشكل سليم وسريع، حتى معنا بل وحتى أقرب الناس إليه كأمه وأبيه!
تأخر في الكلام، وتأخر في التواصل وفهم الكلام، أو على الأقل هذا ما بدا لنا، فبدا بين أقرانه ككتلة غريبة لا يفهمها أحد؛ مما جعل العديد من الأطفال إما يؤذونه ضرباً أو يتجاهلونه، فتأصلت عنده العزلة!
تناوله للطعام سيء، وشرابه سيء، أبرز ما كان يفعله أنه ينجذب نحو أشياء غريبة، فكان يترك اللعب مع الأطفال أو معنا، وربما يتحاشاهم وينشغل بمشاهدة المراوح، وهي تدور ولوقت طويل أو يدور بنفسه بحلقات دائرية سريعة، وأحياناً يقف فجأة يصرخ بصوت مرتفع، وهو يفرك أصابعه في وجهه، ويبقي هكذا لفترة تكون عندها انهارت أعصابنا، كنا نعزي أنفسنا ونقول: ربما لأنه لا يملك وسيلة تعبير أخرى! ربما لشيء أزعجه أو لشعوره بعدم المجاراة لأي شيء!.
عرضه أخي على عدة أطباء، فكان الجواب أن هذا الطفل متأخر أو متخلف، ولا يمكن عمل شيء معه! تقبل أخي الأمر على مضض، وجاء موعد الالتحاق بالمدرسة فتكفله الله، وأرسل له من يحبه من المعلمات والمعلمين في كل مدرسة يذهب إليها؛ فيرعونه رعاية الأم، ويحمونه ويصبرون عليه، والله كان الأمر أشبه بمعجزة، فنما هذا الطفل برعاية الله!
وبعد سنوات قليلة فقد هذا الطفل أقوى درع له - وهي أمه - بداء السرطان، بعد معاناة أثقلت علينا، وشعرنا أن هذا الطفل أصبح بمهب الريح؛ فعوضه الله بزوجة أب تقية لم نطلب منها سوى أن تتفهم وضعه، وتتحمل إخوته، وكانت - جزاها الله كل خير - أماً لهم.
كبر هذا الطفل برعاية الله حتى اقترب من السادسة عشرة، لكن نما ببطء، ولم يكون لنفسه صداقات أو علاقات، ناجح بدراسته، وأحياناً متفوق، لكن بدون مشاركة فصلية طبعاً، ووضعه حالياً كالتالي:
1- ضعيف الشخصية جداً.
2-علاقاته محصورة، فقط مع أبناء أخواله أو أعمامه.
3-عدم القدرة على تكوين صداقات مع الآخرين.
4- ذكي داخلياً، وقليل التفاعل خارجياً.
5- بدون هوايات أو ميول سوى اللعب على الكمبيوتر، مع محاولاتنا الحثيثة لمساعدته.
6- خجول جداً، ومنعزل عن خارج الإطار الذي ذكرت.
7- أظنه يخشى ويخجل من مواجهة الكبار والحديث معهم، فضلاً عن أقرانه الغرباء.
8- وأسوأ شيء عندما يتحدث، تضطرب حواجبه مع حروفه مع حركاته بشكل لافت للنظر، وربما هذا يسبب له تحاشي الآخرين!.
أخشى أن يبلغ مرحلة ما أو عمراً معيناً لا يمكننا عندها إفادته بشيء، ولا يتجاوز حد الخطر في هذه الدنيا وهذا الزمن الصعب الذي يسقط فيه الأصحاء.
أفيدونا بشيء، جزاكم الله خيراً!.