الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فهل علاقتي مع الشاب خاطئة؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، عمري 20 عاما، أدرس في الجامعة، أحببت شابا منذ سنتين ولا زلت، كنت معجبة فيه في السنة الأولى، وبعد سنة جاء إلي موضحاً بأنه يحبني ويريدني زوجة له، تفاجأت وقلت له أن نتعارف بالأول، وهذه أول غلطة لي.

يوماً بعد يوم اكتشفت بأنه يشبهني كثيراً، وهو كثيراً يشبه الشاب الذي أحلم فيه كزوج، أحببنا وتعلقنا ببعضنا، وليس معنى الحب كحب المراهقة، هو شاب عقلاني وأنا كذلك، وأردنا بعض بالحلال.

وفي يوم قبل 5 شهور تقدم لخطبتي ابن عمي وهو صاحب خلق ودين، أهلي فرحوا كثيراً ولكني رفضت، عرف أهلي سبب رفضي وهو حبي للشاب -انكشف سري- حاول الشاب التحدث مع أهلي لطلب يدي، علماً بأننا كنا مخططين لأن يطلب يدي في شهر 4 القادم، ولكن الأحداث سبقتنا، فرفض أهلي التحدث إليه ومقابلته، منعوني من مقابلته وقام والدي بتهديدي بالذهاب إليه لضربه، فابتعدت عنه وقمت بالموافقة على ابن عمي في لحظة ضعف، ولكن بعد مرور شهر اشتقت للشاب وبشدة، وكنت أفكر فيه طوال الوقت حتى عندما أكون مع ابن عمي، ثم بدأت أدعو الله بأن يخلصني من ابن عمي بأيسر الطرق حتى لا أظلمه معي، وفعلاً ابتعدت عن ابن عمي لملاحظته عدم سعادتي معه بطريقة سلسة ومن دون أي حدوث مشاكل بين العائلتين، كأن الله سهل الأمر.

بعد ذلك عدت للشاب وكنا كالمجانين، أصبحنا نحب بعضنا بشكل كبير، وصرنا نتحادث دائما وبكل شيء، حتى أصبح لا يوجد حدود بيننا، أصبحنا نتعامل مع بعضنا على أساس كأننا متزوجين، قمت بخطأ أو أخطاء، وأصبحنا نلمس أيادي بعضنا، ثم المعانقة، وأحيانا نقبل بعضنا ثم نندم ونتوب، ثم نكرر الخطأ وهكذا.

خلال هذه الفترة أصبحت أمرض، وكلما أذهب للدكتور يظنون وجود مرض، ولكن عندما أعمل فحوصات لا يوجد شيء والحمد الله، وهو كذلك أصبح لا يعرف الراحة، نفسيته تعبت وعقله لا يرتاح من كثرة التفكير، كأن الله يعاقبنا على أخطائنا.

فهل علاقتي مع الشاب خاطئة؟ وهل يغفر الله لمن عصى ثم تاب ثم أعاد الخطأ؟ علماً أننا نندم ونبكي على ما فعلناه، ولكن الشيطان والشوق والابتعاد والضغوط أحيانا تجعلنا نقوم بأمور من دون تفكير. وهل من الممكن أن يتغير تفكير أهلي ويلين قلبهم؟

سبب رفضهم للشاب لأنه طالب جامعي ومن دون مستوانا الرفيع والعلمي والمادي، وكذلك لأنه غريب وأهلي يريدون لي ولأخواتي أزواجا من العائلة أو قريب لعدم وجود إخوة لي خوفاً من المستقبل وحفاظاً على حقوقي.

أنا واثقة بأن الله قادر على كل شيء، ومنذ شهر رمضان وإلى اليوم وأنا أصلي وأصبحت ملتزمة وأقرأ كل يوم أو يومين صفحات من القرآن، لعل الله يغفر لي وللشاب ويجمعنا بالحلال، علماً أن هذه أول مرة ألتزم بالصلاة وبالقراءة بهذه المدة.

أدرك بأننا فعلنا أخطاء كثيرة، ولكن علاقتي مع الشاب في الحقيقة زادتني تعلقاً بالله، فأصبحت لأول مرة ملتزمة بهذا الشكل بالصلاة وبالقراءة وبالاستغفار، وطالبة بأن يجعل هذا الشاب خيرا لي وزوجاً لي وأبا لأولادي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ rulla حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يمُنَّ عليك بزوجٍ صالحٍ طيبٍ مباركٍ يكون عونًا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة رولا- فإنه ممَّا لا شك فيه أن هذه العلاقة التي قامت بينك وبين هذا الشاب علاقة محرمة، لأن الإسلام لا يعرف علاقة ما بين ذكرٍ وأنثى إلَّا من خلال طريقةٍ واحدة وهي الحياة الزوجية المستقرة، لأن الإسلام يُحافظ على الفتاة محافظة قوية وشديدة، ولذلك هذه القيود من الحجاب الشرعي وعدم الاختلاط وعدم الدخول على المرأة أو الفتاة إذا كانت وحدها، وكذلك عدم ملامسة جسدها، وتحريم النظر إليها بشهوة، كل ذلك حفاظًا على المرأة المسلمة، لأنها عزيزة وغالية عند الله تبارك وتعالى وعند رسوله والمؤمنين، ولذلك أحاطها الله تبارك وتعالى بتكاليف شرعية وأحكامٍ صيانة لها وحفظًا على عرضها من أن يتكلم فيه الناس أو يعتدي عليه معتدٍ.

ومن هنا فإن الذي حدث بينك وبين هذا الشاب كله محرَّمٌ شرعًا، وكلها آثامٌ ومعاصي، وأنا لا أستبعد أن إسرافكم في العلاقة بينكما ووقوعكما في بعض الحرام الذي ورد في رسالتك لعله يكون هو السبب في تلك الأمراض والظروف الصحية التي تمرَّان بها أنت وهو، ولذلك أول شيءٍ أتمنى أن تفعليه أن تتوقفي عن هذه العلاقة المحرمة فورًا، وأن تقولي له: نترك الأمر لله تبارك وتعالى، فإذا أراد الله تبارك وتعالى لنا من نصيبٍ كان، لأن الله قد يُعاقبكم عقابًا أشدَّ من ذلك، خاصة وأن أهلك رفضوه وإلى الآن لم يقبلوه، إذ أنك تقولين أنه دون مستواكم العلمي والمادي ومستواكم الرفيع، وهو غريب عن أسرتك، ففرصة قبوله ضعيفة جدًّا، خاصة وأنه تقدَّم قبل ذلك وتمَّ رفضه، وأنا لا أستبعد أن أهلك يُعاقبونك عندما تركتِ ابن عمِّك صاحب الخلق والدين، وفضَّلتِ هذا عليه، وأحرجتِ أهلك إحراجًا شديدًا، ورغم ذلك هم حاولوا أن تمرَّ الأمور على خير، وهذا من توفيق الله تعالى، إلَّا أني لا أستبعد أبدًا أن يكون العقاب هو المنع من هذا الشاب تمامًا مهما كانت الظروف والنتائج.

وأنا حقيقة مع أهلك، خاصة وأنك تقولين أن لك أخوات وليس لك إخوة ذكور، وأن أهلك يُريدون شابًّا من العائلة حتى يُحافظ عليكم، لأنه مهما كان فمن دمكم ولحمكم.

فأنا أقول إذًا -يا بُنيتي- اسمعي نصيحتي: أول شيءٍ: أن تتوقفي نهائيًا عن الاتصال بهذا الشاب، وأن تتوجهي إلى الله تبارك وتعالى بالدعاء، أن يُكرمك الله بأن يغفر ذنبك وأن يستر عيبك، وأن يمُنَّ عليك بالزوج الصالح الطيب المبارك، وهذه الأفعال الطيبة التي بدأتِ تفعلينها من قراءة القرآن والمحافظة على الصلاة، هذه أشياء طيبة ورائعة، ومما لا شك فيه أن لها دورا في مغفرة الذنوب ورفع الدرجات وقضاء الحاجات.

فأقول -بارك الله فيك- واصلي الأعمال الطيبة التي تقومين بها من قراءة للقرآن والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على الصلوات في أوقاتها، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، والمحافظة على أذكار النوم، والالتزام بالحجاب الشرعي، وتعاهدي أنت وهذا الشاب أن تتوقفا تمامًا عن أي علاقةٍ الآن، ولو حتى مجرد الكلام، من أجل الله تبارك وتعالى، واعلمي أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، واتركوا الأمر لله تبارك وتعالى، لعلَّه بعد أن ينتهي من الدراسة وتنتهي منها أنت كذلك تكون هناك فرصة إذا تقدَّم ويكون وضعه المادي قد تحسَّن ووضعه العلمي قد تحسَّن فأصبح خِرِّيجًا جامعيًا، ولعلَّ الله يمُنَّ عليه بفرصة عملٍ طيبةٍ مناسبةٍ، فإذا تقدَّم لأهلك كان أولى بالقبول.

فإذًا توجَّهي إلى الله تبارك وتعالى، وأغلقي هذا الباب نهائيًا، وهذا من شروط التوبة النصوح: ترك الذنب فورًا، والندم على فعله، وعقد العزم على عدم العود إليه.

أسأل الله أن يقدر لك كل خير، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً