الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوفي وقلقي على أمي عندما تمرض أو تصاب بصداع، كيف أرتاح نفسيا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب في أول ثانوي، عمري 14 سنة، حياتي سعيدة نوعا ما، -والحمد لله- عندي أخ واحد فقط، وهو أصغر مني سنا، للأسف عندي وسواس من مرض السرطان؛ لأن جدتي الله يرحمها كان عندها سرطان الثدي وتوفيت، وأسمع أن سرطان الثدي وراثي، لكن -الحمد لله- لحد الآن أمي بخير وعلى ما يرام، وهي لا تفكر في الموضوع من الأساس هي عمرها 40 سنة، تقوم بالفحص كل 6 أشهر، والمشكلة فيّ أنا.

أنا دائما أفكر في هذا المرض، وهو سرطان الثدي وأخاف علي أمي؛ لأني بحثت على الإنترنت، ولكن الشيء الوحيد الذي يقلقني هو الوراثة، فأنا خائف على أمي، لكن عندي حسن ظن بالله، وأعلم أن الله عنده كل خير، لكن هذا الوسواس يزعجني كثيرا، بمعني لما تكون أمي مصابة بصداع بسيط عادي أقلق عليها كثيرا، مع أنه عادي، مع أن أمي دائما تأكل غذاء صحيا ومفيدا، وتأكل كثيرا من العسل والفواكه والخضروات، وهي -والحمد لله وما شاء الله- في صحة ممتازة، لكني دائما خائف عليها.

لا أستطيع أن أستمتع بحياتي، مع العلم أني الوحيد الذي يفكر بهذا الموضوع في عائلتي كلها.

شكرا جزيلا لك، أرجو منك أن تجيبني سريعا، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أنا اطلعتُ على رسالتك، -وإن شاء الله- تفهمتها تمامًا، وأنا أقدِّر لك موقفك الوجداني والعاطفي الذي يدلُّ على برّك لوالدتك، فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

أيها الفاضل الكريم: أنتَ تحتاج فقط لتصحيح بعض المفاهيم حول المرض والإصابة بالمرض، نحن لا ننكر الدور الوراثي للأمراض والعوامل الأخرى، وهي متعددة جدًّا، والذي نُحتِّمه ونقوله أن المرض جزء من حياة الناس، لكن الإنسان يفوض أمره إلى الله، ويسأل الله تعالى أن يحفظه، وأنا أقول لك شيئًا مهما جدًّا، وهو: أن موضوع الوراثة والمرض - كما ذكرت لك -هنالك بعض الأمراض تُوجد فيها ميول جينية ووراثية، وما تبقى من الأمراض أسبابها بيئية، إذًا كل الأمراض إمَّا وراثية أو بيئية، أو هي تفاعل ما بين الوراثة والبيئة.

ويا أيها الفاضل الكريم: في حالة سرطان الثدي الذي يُورَّث هو الاستعداد لهذا المرض في بعض الأشخاص الذين لديهم قابلية أصلاً لهذا المرض، ونسبة الميول الوراثية في سرطان الثدي ضعيفة جدًّا.

فتوكل على الله، واعلم - كما ذكرتُ لك - أنك إذا بحثت في أي مرضٍ سوف تجد إمَّا سببه بيئيًا أو ميولاً وراثية، وبالنسبة للعوامل البيئية فكثيرة جدًّا: نوعية الطعام، الهواء، أشعة الشمس... سمِّي ما تُسمّي، أشياء لا يمكن أن نتحكّم فيها أبدًا.

فإذًا الأمر كله يتطلب منك تصحيح مفاهيمك، وأن تسأل الله تعالى أن يحفظك ويحفظ والدتك وكل مَن تُحب، هذا هو الشيء الأساسي، وأريدك وأنت في هذه السِّن أن تنطلق بفكرك انطلاقات إيجابية، ضع لنفسك برنامجا خاصا للاجتهاد في دراستك، ولماذا لا تجعل خيالك خصبًا وتسعى وتتمنى أن تكون طبيبًا بارعًا يكتشف علاجًا لهذا المرض (السرطان)، هذا ليس مستحيلاً أبدًا، اسعَ وكن من المتميزين، واسعَ وكن نافعًا لنفسك ولغيرك.

هذه هي الأسس التي أريدك أن تسير عليها، وأريدك أن تمارس الرياضة، وأن تنام ليلاً في وقت مبكر، وقطعًا أنت حريص على صلاتك في وقتها، وعليك أن تحرص على أذكار الصباح والمساء، وأنت في هذه السِّن الجميلة من السهولة جدًّا أن تحفظ شيئًا من القرآن أو القرآن كله، عقلك ومركباتك العصبية الداخلية خصبة جدًّا، ودرجة الاستيعاب لديك ممتازة، فأرجو - أيها الفاضل الكريم - أن تُفعّل حياتك: الاجتهاد في دراستك، حفظ شيئًا من القرآن أو كله - كما ذكرنا - الاستمتاع بالحياة، ممارسة الرياضة، أن يكون لك أصدقاء من الصالحين، وأن تعيش حياة - إن شاء الله تعالى - آمنة ومطمئنة.

أنت لست في حاجة لأي علاجٍ دوائي، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً