الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

داهمتني وساوس العقيدة بعد التخلص من وساوس الطهارة والصلاة!!

السؤال

السلام عليكم.

لدي مشكلة أود طرحها عليكم، وهي تكمن في الوساوس، ففي البداية كانت تأتيني وساوس في الوضوء والصلاة، وكنت أُعيد الوضوء كثيراً وأيضاً الصلاة، وأحس أنني نسيت قراءة الفاتحة أو السورة الصغيرة أو السجود ...وغير ذلك، دعيت الله وشفاني الله منها -والحمد لله- دون الذهاب للطبيب، وتخيلت أنني تخلصت من الوساوس وسأعيش حياة سعيدة بعد حالة الضيق التي كنت أمر بها في وجود الوساوس، لكن داهمتني وساوس أخرى في العقيدة، وأعلنت الحرب عليها، وأصبحت أجاهد حتى تعبت واستسلمت لها، وأخذت قراراً بعدم الالتفات لها، ولكنها زادت، وأصبحت أتهاون في أمور كثيرة بعد أن كنت التزمت، وأحس عند سماع أي شيء عن الدين كأني سوف أضحك، وهذا رغما عني ولا أستطيع إيقافه، وأيضاً أحسست أني أصبت بالرياء في كل شيء حتى صلاتي، ولكني لا أعيدها؛ حتى لا تأتيني الوساوس.

زادت عندي عدم المبالاة وأيضاً عند الدعاء أحس بأن دموعي ودعائي عبارة عن زيف وغير خارج من قلبي كما كان في السابق، ولقد تعبت ولا أستطيع الذهاب للطبيب، وأتمنى أن أرجع كما سبق، فإنني أحس بأن إيماني يضيع من بين يدي وأنا أقف أنظر وأشاهد.

كنت أحلم بالزواج من شخص متدين كأي فتاة، ولكن كيف لفتاة مثلي الزواج وإنشاء أسرة وهي بهذه الحالة؟!! ولقد قرأت عن علاقة الأم الموسوسة بالأطفال، ويمكن أن تكون وراثة، فكيف لي أن أنجب أطفالاً ليصبحوا موسوسين مثلي؟! لقد أحسست أني قاربت على الجنون.

ما يهمني هو علاقتي بالله، وكيف أرجع كما كنت، فلقد أحسست بالفتور في كل عباداتي، وأحياناً أريد أن أصرخ وأقول أرجعوني كما كنت، فأنا لا يهمني إلا رضا الله عني.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أن الوساوس القهرية مُزعجة، وهي تتأرجح بين التحسن والانتكاسة، كما أن الوساوس الدينية منتشرة جداً في منطقتنا، وهذا إن شاء الله دليل إيمانٍ وتقوى.

من الأشياء الجميلة أن تطبيقك للعلاج السلوكي ممتاز ومشجع جداً، وهذا في حد ذاته يمثل 50% من العلاج.

الشعور بالإحباط وما ترينه من قسوة في القلب هو حقيقةً يمثّل نوعاً من الاكتئاب النفسي المصاحب للوساوس القهرية، فأرجو أن لا تحسي بالذنب مطلقاً في هذا السياق.

سأصف لك أحد الأدوية المضادة للوساوس القهرية، وهي بفضل الله كثيرة جداً الآن، وسيكون الدواء المناسب بالنسبة لك هو العقار الذي يُعرف باسم بروزاك، أرجو أن تبدئي في تناوله بمعدل كبسولةٍ واحدة في اليوم بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم تُرفع إلى كبسولتين في اليوم، ثم بعد شهر تُرفع الجرعة إلى ثلاث كبسولات في اليوم، ولا مانع أن تؤخذ مع بعضها البعض أو فرادى.

يجب أن تستمري على هذه الجرعة المكثفة بعض الشيء لمدة ستة أشهر، ستكون فيها الوساوس قد اختفت بإذن الله، وتحسن مزاجك لدرجةٍ كبيرة، بعد ذلك يمكنك تخفيض جرعة البروزاك، وذلك بمعدل كبسولةٍ واحدة كل شهرين .

لا أرى مطلقاً ما يمنعك من الإقدام على الزواج، كما أن نسبة الإرث لإصابة الأطفال والذرية بنفس العلة تُعتبر ضعيفة جداً، وكل الدراسات تُشير إلى أنها لا تتعدى الخمسة إلى العشرة في المائة، فعلى بركة الله توكلي، وكوني أكثر إقداماً في العلاج السلوكي.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً