الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الأعراض التي تسببها مضادات الذهان مزمنة؟

السؤال

السلام عليكم..

أود في البداية أن أشكركم على هذا الصرح الرائع، وأن يبارك فيه.

أصابني اكتئاب شديد جراء تناولي مضاد ذهان معروف، وقد جربت مضادات اكتئاب كثيرة لمدة ثلاث سنوات، وقد ارتحت أخيرا على سيروكسات، واستخدمته لمدة ستة أشهر، لكن عندما توقفت عنه باستشارة الطبيب عاد عسر المزاج وقلق القعود بعد شهرين، وكنت قد غيرت مضاد الذهان إلى أولانزابين، فهل هذا الاكتئاب الذي يأتي جراء استخدام العقاقير مزمن؟

مع العلم أني راض بما قدره الله لي ومتقبل لذلك، وكل الشكر للدكتور محمد عبد العليم جزاه الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء، ونشكرك على كلماتك الطيبة في حق هذا الموقع، وأسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعًا، وأن يُقدّر لنا ولك الخير.

طبعًا مضادات الذهان تُستعمل لعلاج الذهان، وفي بعض الأحيان تُعطى بجرعاتٍ صغيرة كعلاجات تدعيمية للأدوية الأخرى في حالة علاج الاكتئاب النفسي أو الوسواس القهري أو قلق المخاوف.

فمن حيث المبدأ لا أدري ما السبب في حاجتك لمضادات الذهان هذه؟! .. وإن كان تشخيص حالتك هو أحد الأمراض العُصابية أو الأمراض المزاجية فأصلاً ليس هنالك حاجة لهذه المضادات، وما دمت استجبت استجابة ممتازة على عقار (سيروكسات Seroxat) فهذا أيضًا يجعلني أكونُ مطمئنًا أن حالتك أصلاً ليست حالة ذهانية.

والآن بعد أن رجعت لك الأعراض الاكتئابية لا مانع أن تستعمل (سيروكسات) بجرعة صغيرة، خاصَّة المركب الذي يُعرف باسم (سيروكسات CR) بجرعة 12,5 مليجرام يوميًا مثلاً، هو من أفضل الأدوية التي تُعالج وتَقي من الاكتئاب النفسي. الاكتئاب النفسي مرض لعين جدًّا - أيها الفاضل الكريم - يُقلِّل من فعالية الإنسان، يضرُّ بصحته الاجتماعية وصحته النفسية، وحتى صحته الجسدية، فليس هنالك ما يمنعك أبدًا من أن تتناول الزيروكسات CR بجرعة 12,5 مليجرام لمدة ستة أشهر مثلاً.

وعليك بالحرص على الفعاليات العلاجية غير الدوائية، أنت الحمد لله في سِنٍّ صغيرة، يجب أن تكون متفائلاً أخي الكريم، تجتهد في دراستك، تُحسن إدارة وقتك، تقوم بواجباتك الاجتماعية، تكون بارًّا بوالديك، وحريصًا على أن تكون عضوًا فاعلاً في أسرتك، وليس إنسانًا هامشيًّا. الرياضة مهمّة وتقوّي النفوس قبل أن تُقوّي الأجسام. احرص - يا أخي -على واجباتك الدينية، خاصة الصلاة في وقتها، واحرص على الأذكار - خاصة أذكار الصباح والمساء - واحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز.

هذه هي الأسس العلاجية المطلوبة في مثل حالتك.

بالنسبة لسؤالك: هل الاكتئاب يأتي نتيجة لاستخدام العقاقير المزمنة؟
هذا نادرٌ جدًّا، مثلاً نعرف أن مضادات الذُّهان القديمة مثل الـ (هالوبيريدول Haloperidol) والذي يُعطى كثيرًا لعلاج حالة ذُهانية تُسمى باسم (الهوس) أو تُسمّى بـ (اضطراب وجداني ثنائي القطبية)، هذا الدواء ربما يُدخل بعض الناس في مزاج اكتئابي، بعد أن يتم الشفاء من الهوس ربما يُصيب بعض الناس شيء من عُسر المزاج الاكتئابي، ولا يكون اكتئابًا شديدًا أو مُطبقًا.

أمَّا الأدوية الحديثة مثل الـ (أولانزابين Olanzapine) فهي لا تُؤدي أبدًا إلى الاكتئاب، بل على العكس تمامًا - أخي محمد - هي في حدِّ ذاتها لديها خاصَّيّة تثبيت المزاج، وما دام خاصَّيّة تثبيت المزاج متوفرة فهذا يعني أن الإنسان الذي يُعاني من اضطراب وجداني ثنائي القطبية يمكن أن تنتشله هذه الأدوية من القطب الاكتئابي مثلما تُعالج القطب الهوسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً