الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أضعف وأعود لمحادثة الشاب وأخشى أن يحرمني الله إياه، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

تسرعت في الرد على سؤال من شاب قد أرسل لي على صفحة كنت قد أنشأتها بغرض التوعية عن الأمراض النفسية؛ فأنا لدي اضطراب ثنائي القطب، ولم أكن أعرف أن هذا الشاب بنفس عمري، وأنه زميل لي في الدراسة في الثانوية، أجبته عن سؤاله، وأخبرت أمي وأبي عما حدث، المهم أن هذا الشاب أعجب بي وبتفكيري وصارحني أنه يود أن يتقدم لخطبتي -على الرغم من أني أخبرته بمرضي-، ولم أتواصل معه بعدها.

وفعلا تقدم وجاء مع أهله إلى منزلنا، لكن حدثت بعض المشاكل عندنا جعلت والدي يؤجل ارتباطي للعام القادم بعد انتهاء دراستي، ولم نأخذ قرارًا قاطعًا في أمره، ولكني أحببت أهله كثيراً، وكذلك شخصه، وهو لم يتجاوز معي في الحديث مطلقًا، وظل أمره يشغل بالي، ووجدتني أحادثه، وأعتذر له عن الأمر، وأن سبب الرفض لم يكن بسببه هو، واعتذر هو لي عن مراسلتي من أول الأمر، واتفقنا أن نرى هل سيوفق الله بيننا في العام القادم حين تستقر الظروف؟

أرسل لي تهنئة في العيد، وفتح بيننا حديثاً عن رؤيتنا للمستقبل من حيث العمل وطريقة الحياة، ولكن كلانا شعر بالذنب الشديد لحرمة ذلك، وقمنا بحظر بعضنا على مواقع التواصل، ولكن أجدني كل فترة أضعف وأود الحديث معه وأطمئن على أخباره، تحدثنا أمس مرة أخرى وأشعر أنني فتنته في دينه، وأنني أخون ثقة أبي، أخشي أن يحرمني الله الرزق بذنبي، وفكرت أن أخبر والدي بالأمر، ولكن أخشى ردة فعله، وأن ينهي الأمر، أدعو الله أن يصرف عني وعنه باب الحرام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رغد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على إشراك الأسرة في هذا الأمر، وننصحك بأن تصبري وأن تتوقفي حتى ييسّر الله لك الأمر بالحلال، وهذه النصيحة لك وللشاب، ولا ننصح بالاستمرار والتمادي في هذه العلاقة؛ حتى يُبارك الله تبارك وتعالى في العلاقة الحلال مستقبلاً.

وكلام الوالد لا يدلُّ على الرفض، وأعتقد أن مدة العام إذا اشتغلتم فيها بالدراسة وبالأشياء المفيدة والعبادة والأعمال النافعة، فإنها ستمضي سريعًا، ولذلك أرجو ألَّا تستعجلا؛ فإن من استعجل الشيء قبل أوانه قد يُعاقب بحرمانه، كما أن هذه العلاقة ليس لها غطاء شرعي، ولذلك لن تكون مصدر خير، بل ستكون مصدر شؤم.

ولذلك ننصحكما بالتوبة إلى الله تبارك وتعالى ممَّا حصل، والتوقف عن التواصل، والحمد لله أنت عرفت أهله، وعرف أهلك وارتحت إليهم، الأشياء الأساسية قد حصلت، وبالتالي ينبغي أن يصبر الجميع، يصبر الطرفان حتى ينتهي العام، وبعدها يتقدّم ويطرق باب أهلك مرة أخرى، وعندها في الغالب الأهل سيوافقون؛ لأن هذا أكبر دليل على حرصه وإصراره ورغبته في الارتباط، وهذا ممَّا يساعد الآباء والأمهات على الموافقة.

نسأل الله أن يُعينكما على الخير، ولله الحمد أنت أيضًا تعرفين أن هذا التواصل حرام، وليس فيه مصلحة شرعية، وهو خصم من الرصيد الحلال، حتى لو حصل الزواج {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تُصيبهم فتنة أو يُصيبهم عذاب أليم}.

إذًا: عليك بالتوقف فورًا، وعليه أيضًا أن يتوقف، وبعد ذلك عندما يأتي الوقت المناسب، وتنتهي الدراسة، أو ينتهي العام؛ عليه إن أرادك أن يطرق باب أهلك.

واعلمي أن التوقف أيضًا يُعينك ويُعينه على الصبر وتجاوز الصعاب؛ لأن الوصال يُشعل النار مرة أخرى، ويدعو إلى مثله من التواصل، أمَّا إذا عزم الإنسان على التوقف، ونؤكد أن هذا قد يكون قرارًا صعبًا، لكن نؤكد أن الأصعب والشر والمرفوض هو أن يستمر التواصل دون أن يكون له غطاء شرعي.

هذه وصيتُنا لك بتقوى الله، ونسأل الله أن يُسهّل أمرك، وأن يغفر ذنبنا وذنبك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً