الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتصرف بطريقة غير رزينة وأحس أني غير ناضجة، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا فتاة عمري 26 عاماً، ملتزمة بديني، أصلي وأصوم، وأحفظ القرآن، وأتلوه -بحمد الله وتوفيقه-، ولكني أحس أني غير ناضجة، أرقص وأغني، وأقلد الأصوات، وأتصرف بطريقة حمقاء، مثل الصغار، ولكن كل ذلك داخل بيتي فقط، وأخجل أن أفعل ذلك أمام أحد غير أهل بيتي.

بالآونة الأخيرة صرت أصاب بالحرج، حتى من أمي وأخواتي، وتؤنبني نفسي أن علي أن أتوقف، وأتصرف كبالغة، يعني أن أكون هادئة، ورزينة، ولا تخرج مني أصوات عالية، ولكن ذلك تلقائي، ولا أستطيع إيقافه، حتى أمي أصبحت تعايرني بأختي الصغرى أنها أعقل مني.

ماذا يجب أن أفعل؟ هل هذه خلقة الله؟ هل علي الاستسلام لكوني مهرجة، أم هناك حلول نفسية أو دينية؟ ربما ينقصني شيء لا أعلمه.

أريد أن أكون فتاة هادئة، وحكيمة، ورزينة، فهل بمقدوري ذلك، أم أنها صفات جُبلت عليها، ولا يمكنني تغييرها؟!

أسعدكم الله في الدارين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يوفقك وأن يصلح الأحوال.

سعدنا جداً بحرصك على الصلاة والصوم، وحفظ كتاب الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يزيدك خيراً وفضلاً، وأيضاً سعدنا بهذه الصراحة التي حملتك لكتابة هذه الأسطر، ونسأل الله أن يعينك على بر الوالدة، وأن يعينك أيضاً على مزيد من الرزانة.

نحب أن نؤكد أن هذا الذي تفعلينه بين والدتك وأخواتك لا حرج فيه من الناحية الشرعية، لكن لا بد إذا لعبنا أن يكون بمقدار ما يعطى الطعام من الملح، فاللهو واللعب لا مانع منهما بشرط أن يكون ذلك بمقدار قليل، ولا يؤثر على الجد، بل هو نوع من الترويح للنفس.

أيضاً من المهم جداً أن تتجنبي رفع الأصوات، لأن الصوت قد يتعدى البيت فيستمع إليه من هم بالخارج، خاصة إذا كان صوت غناء، أو صوتاً فيه نوع من التحسين بالصوت، لأن الفتاة لا ينبغي أن تخضع بالقول أو تغير صوتها، أو حتى تظهر صوتها خارج البيت.

نسأل الله أن يعينك على الخير، ونحب أن نؤكد أن هذا سيتغير -بحول الله وقوته- بالتدريج، وطالما أنك بدأت تشعرين بالحرج فهذه هي البدايات الصحيحة، ونرجو من الله تبارك وتعالى أن يعينك على إكمال ما عندك من صفات جميلة، ولا نعتقد أن أختك الصغرى أعقل منك، أو أنت أفضل منها، فكل إنسان له ميزات تميزه.

بناءً على رغبة الوالدة؛ نرجو فعلاً أن تقللي من هذه التصرفات، وأن تجعلي لهوك ولعبك منضبطاً أيضاً بقواعد الشرع الذي شرفنا الله به، والإنسان يستطيع -ولله الحمد- أن يغير السلوكيات التي عنده، يغير الأشياء التي لا يحبها، أو هناك أشياء قد تصلح مع مرحلة عمرية ولكنها لا تصلح بالمراحل التي بعدها، فتدرجي في الخير واجتهدي دائماً في أن تزيدي من الفضائل، واشغلي نفسك بالأمور الكبرى، وسيأتي التغيير بعون الله تبارك وتعالى.

نحن لا نريد لشخص أن يكون مثل الآخر، ولكن نريد للجميع أن يكونوا في الحدود الشرعية المقبولة والمعقولة.

الصفات التي جبل عليها الإنسان، أو التي اعتادها يستطيع أن يغيرها، بل علماء التربية والسلوك يقولون أن السلوكيات تتغير ليس عند الإنسان وحده، لكن حتى عند الحيوان، وبالتالي فالإنسان يستطيع أن يغير الأشياء التي لا يحبها، وذلك قد يحتاج إلى بعض الوقت، فشعورك بالحرج بعد أن لم يكن موجوداً، تطور إيجابي، دليل على أنك بدأت تسيرين في الطريق الذي يمكن أن يوصلك إلى أمور في غاية الأهمية -بعون الله-.

لا نريد أن تستسلمي للصفات غير الصحيحة، ولكن الإنسان يتدرج في إصلاح نفسه، وستصلين -بعون الله- إذا صدقت في نيتك، واستعنت بالله تبارك وتعالى، وعليك بكثرة الدعاء، وعليك بشغل نفسك بالمفيد، وعليك بتجنب رفع الصوت، وأي مخالفات شرعية، وعليك أيضاً بأن تنمي أشياء كثيرة، وتزدادي علماً ومعرفةً، وتشغلي نفسك بالخير، والذي لا يشغل نفسه بالخير قد يشغله الشيطان بغيره.

نسأل الله أن يشغلنا جميعاً بطاعته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً