الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد أن أعيش حياةً طبيعيةً، وأخرج مما أنا فيه من التشتت!

السؤال

السلام عليكم

كنت قد أصبت بالاكتئاب والقلق منذ ٤ سنوات، في أواخر دراستي الثانوية -للأسف أني أهملتها بلا علاج- حتى تغيرت شخصيتي في جوانب كثيرة للأسوأ؛ وحيث إني أدرس في دولة خارجية قررت تعاطي أحد النباتات المخدرة -الذي لم أجربه من قبل- هروباً مما أنا فيه، فاختفى القلق، وزاد الاكتئاب بشكل رهيب جداً، وعندها عزمت على التغيير، فغيرت جوانب عديدة، كترك العادة، والالتزام بالصلاة، وقراءة القرآن، وغيرها، وأزعم أني تحسنت بنسبةٍ كبيرةٍ، وبنيت شخصيةً أفضل حتى من شخصيتي القديمة التي كنت أتمنى العودة إليها، وقررت إكمال مسيرة العلاج بأخذ سيبراليكس تحت وصف أحد الأطباء، وما حصل أنه يومٌ بعد يوم جعلني أعود لسابق عهدي، فبدأت أنسى، وخمولٌ فظيعٌ، وتشتت دماغ، والإكثار من العادة!

أشعر أني مندفعٌ أحياناً، لا أفكر بعواقب الأمور، فقدت اتزاني قليلاً، في رحلة علاجي -الخمسة أشهر- عانيت من تذبذب شديد في مشاعري بين حزن وفرح، وأيضاً شخصيتي؛ فيوم أنا الجريء المتحدث، والأسبوع الذي يليه المنطفئ الذي لا يود مشاركة أحدٍ، وأيضاً بدأت أعود للعادة.

تعبت من حياتي! ٤ سنوات جل ما أفكر فيه هو حالتي النفسية ومراقبتها، أريد أن أعيش حياةً طبيعيةً، أشعر أني لم أعد أعرف من أنا كالسابق! لم أعد أعرف مميزاتي ولا عيوبي، ولا ما أحب أو ما أكره، حتى حدودي التي كنت أتبعها في الحياة كسرتها الواحد تلو الآخر، وتخليت عن كثير من مبادئي.

أنا تائهٌ جداً ومشتتٌ، لا أعرف من أين أبدأ لترتيب هذه الفوضى والقيام من جديد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأرحب بك في إسلام ويب، ولك استشارات سابقة تمت إجابتها -أيها الفاضل الكريم- وتقريبًا احتوت على نفس ما ذكرته في هذه الاستشارة أيضًا، وأنا أقول لك أن الإنسان يتطور بتطور الزمن، الإنسان يتغير، الإنسان ينضج، الإنسان يكون أكثر مهارة، فلا تضع نفسك في موقع المهزوم، لا أبدًا، أنت لديك القدرة على التغير الإيجابي، ولديك القدرة على تطوير مهاراتك، وكل الذي تحتاجه -أيها الفاضل الكريم- هو أن ترتب وقتك وتديره بصورة أفضل، وأن تضع أهدافك في الحياة.

بغض النظر عن وجود هذه الأعراض، هذه الأعراض أتتك من خلال الفراغ الذهني والفراغ الزمني ربما أيضاً، فضع لنفسك أهدافاً واضحةً جليةً، هدفاً قريب المنال أو هدفاً آنياً، وهذا تحققه خلال 24 ساعةً مثلاً، تذهب لزيارة صديق هدفٌ عظيمٌ جداً، أو تذهب وتزور أحد أرحامك، وهذا الهدف مهما كان بسيطاً سيكون له مردودٌ إيجابيٌ جداً عليك، هدفٌ آخر وهو الهدف متوسط المدى، والذي يجب أن يتحقق خلال ستة أشهر، مثلاً تقرر أن تحفظ أربعة أجزاء من القرآن الكريم، وهذا سهل جداً، تضع الآليات التي توصلك إلى هدفك، وبعد أن تنجز سوف تحس بالمردود النفسي العظيم.

وعلى المدى البعيد طبعاً التميز في الدراسة، التخرج، العمل، الزواج، الدراسات فوق الجامعية، هذه كلها يجب أن تخطط لها، الإنسان أعطاه الله تعالى المهارة والإدراك ليدير حياته، (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فبشيءٍ من الترتيب البسيط وتحديد الأسبقيات ووضع الآليات التنفيذية تستطيع أن تنجز الكثير والكثير جداً، أحسن إدارة وقتك، وأحسن إدارة طاقاتك، أيضاً هذه مهمة.

وعلى الصعيد الاجتماعي لا بد أن تقوم بواجباتك الاجتماعية، هذا مهمٌ جداً، لا تتخلف عن أي واجب اجتماعي، يجب أن يكون لك وجود إيجابي جداً داخل الأسرة، تحرص على بر الوالدين، ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، هذه هي الطرق البسيطة والتي هي في متناول الإنسان، نعم، لا تركز على الجانب السوداوي في الحياة، الحياة مشرقة وجميلة، وأنت في بدايات سن الشباب، الله حباك بطاقات عظيمة.

بالنسبة للعلاج الدوائي أنا أعتقد هذا التذبذب في المزاج السيبرالكس سيكون دواءً جيداً، ولا تحتاج أن تتناوله بأكثر من جرعة 10 مليجرام، ويمكن أن تدعمه بعقار آخر يثبت المزاج ويحسن النوم إذا كان لديك إشكاليةٌ في النوم، الدواء يعرف باسم كواتبين تناوله بجرعة 25 مليجراماً ليلاً لمدة ثلاثة أشهر مثلاً، والأمر الآخر أنتم -بفضل الله تعالى- لديكم أطباء متميزون في بلدك، أطباء نفسيون لهم باعٌ كبيرٌ من الخبرة والمهارة، ونعرف الكثير منهم، فيمكن أن تذهب وتقابل أحدهم -وإن شاء الله تعالى- سوف يضيف لك إضافات إيجابية بجانب ما قدمته لك من إرشادات بسيطة.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.. وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً