الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ارتباك غير طبيعي في فترة الامتحانات، فهل من حل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا طالب طب وأعاني من توتر وارتباك شديدين خلال الامتحان؛ وأنا أعلم أن لها فوائد، ولكن في الامتحانات العملية عندما أواجه الأستاذ أتعرَّقُ بشدة، وأرتبك، وأستعجل بالإجابة، لدرجة أني في امتحان الباطنية العملي كنت أسمع الـ (murmr) بدون السماعة، وأجبت أنه لا يوجد.

هل يوجد دواء معين - مع ذكر الجرعة - يمكن أن يساعدني؟

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب.

كما تفضلتَ فإن القلق له فوائد -ولا شك في ذلك- وأنتَ ذكرتَ أنك تعاني من توتر وارتباك خلال الامتحان، وهو ناتج من القلق، وهذا النوع من القلق هو قلقٌ خاصٌّ جدًّا نسميه بقلق الإنتاجية أو قلق الاستعداد.

أتفق معك تمامًا أنه إذا زاد القلق عن معدّله أو خرج من النطاق المعقول والمقبول قد يؤدي إلى نتائج عكسية إلى حدٍّ ما؛ وطبعًا ظاهرة التوتر هذه تكون في بداية الامتحانات، وبعد ذلك يستقر الإنسان ويصبح أقلَّ توترًا، بل يتحسّن انتباهه، ممَّا يُساعده كثيرًا على أداء الامتحان بالصورة المطلوبة.

خذ الأمور ببساطة شديدة، وعليك أن تفعل ما هو مطلوب منك من مذاكرة، وعلى النطاق الفكري والعقلي -أو ما نسميه بالنطاق المعرفي- يجب أن تتصور أن هذه الامتحانات هي جزء من العملية التعليمية، وأن ملايين الطلاب يمرُّون من خلالها، وفي ذات الوقت أنت -الحمد لله تعالى- قد قمت بالاستعداد اللازم لهذه الامتحانات، وتصوّر أن هذا القلق هو قلق ظرفي ووقتي، ويجب أن تحوّله إلى قلق إيجابي؛ إذًا طريقة التفكير مهمّة جدًّا.

والأمر الثاني هو: أن تتدرّب على تمارين التنفُّس الاسترخائية، هذه التمارين مفيدة جدًّا، تمارين الشهيق والزفير، مع تمارين قبض العضلات وشدِّها ثم استرخائها؛ سوف تجد فيها خيرًا كثيرًا جدًّا، وهنالك برامج كثيرة موجودة على اليوتيوب، أرجو أن تستعين بأحد هذه البرامج وتُطبق هذه التمارين بدقة وإتقان، وإن شاء الله تجني فائدتها العلاجية.

الأمر الآخر -وهو مهمٌّ جدًّا- هو: أن تُدرّب نفسك على مواجهة هذه المواقف، وذلك من خلال أن تتصور أن الامتحان سوف يبدأ بعد ساعة، وتعيش في خيالٍ مكثّف وقويٍّ وبدرجة انتباهٍ عالية كل التفاصيل، أنك دخلت إلى قاعة الامتحان، وأنك قد جلست على الكرسي، وأنت لست الوحيد، وعدد كبير جدًّا من الطلاب قد أتى، عش هذا السيناريو بكل دقة، هذا نسميه بالتعرُّض في الخيال، وهو مفيدٌ جدًّا للإنسان لأن يتجاوز القلق، والتوتر، والارتباك الذي قد يأتي في وقت الامتحان -هذا التمرين يجب أن يُكرر عدة مرات- هذا نسميه بالتعرُّض في الخيال، التعرُّض في الخيال ذو فائدة كبيرة جدًّا.

أنت ذكرت أنك كنت تسمع الـ (murmr) دون سمّاعة: طبعًا هذا من شدة اليقظة التي تكون مرتبطة غالبًا بالقلق والتوتر الظرفي الشديد.

نقطة مهمّة جدًّا أنا أؤكدها لك؛ هي: أن لا أحد يحسُّ حقيقةً بتوتُّرك أو ارتعاشك، أو حتى التعرُّق، هذه الأعراض نعم هي موجودة نسبةً لتغيُّرات فسيولوجية متعلِّقة بالجهاز العصبي اللاإرادي، الذي يُحسِّن من درجة استعداد الإنسان لمواجهة المواقف التي تتطلب الصلابة والشدَّة، لكن في ذات الوقت هنالك مبالغة في الطريقة التي تستقبل بها أنت هذه الأعراض، هي ليست على حقيقتها الكاملة، لذا لا يحسُّ بها أي أحدٍ حولك.

بالنسبة للدواء: هنالك عقار (إندرال Inderal) متميّز جدًّا ومفيدٌ جدًّا، اسمه العلمي (بروبرانولول Propranolol) يُعرف عنه أنه من الأدوية التي تنتمي إلى ما يُعرف بـ (كوابح البيتا)، وهو لا يتطلب أي وصفة طبية، وهو جيد جدًّا في إجهاض كل الأعراض الجسدية المتعلِّقة بالتوتر.

أنصحك أن تُجرّب الإندرال الآن، تناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة أسبوعين، ثم تتركه، وبعد ذلك يمكنك أن تتناوله في يوم الامتحان بجرعة عشرين مليجرامًا ساعتين قبل الامتحان، وسوف تجد أنه قد أدّى إلى هدوءٍ كاملٍ فيما يتعلَّق بصحتك النفسية والجسدية، لكن يجب أن تأخذ كل ما ذكرتُه لك كمكونات علاجية مكتملة، لا تعتمد على الدواء فقط.

بارك الله فيك، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً