الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إذا أساء الناس الظن بي، هل يمكن إخبارهم عن طاعاتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل إذا ظن بي الناس شيئًا سيئًا في طاعة الله، يعني إذا ظنوا أني لا أنتظم على صلاتي، أو أني لا أستيقظ لصلاة الفجر، وأنا -والحمد لله- مواظبة على الصلوات، فهل يمكن أن أخبرهم أني أصلي، ومنتظمة على الصلوات وعلى صلاه الفجر، أم أن هذا يعتبر رياءً؟



الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابنتنا العزيزة - في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإيَّاك الإخلاص، ونحن نهنئُك أولًا بما مَنَّ الله تعالى به عليك من الانتظام على الصلاة والاستيقاظ لصلاة الفجر، ونسأل الله أن يتقبّل منك، وأن يرزقنا وإيّاك الإخلاص.

ونشكر حرصك على أن تكون أعمالك خالصة لوجه الله، وشدة حذرك من الرياء، وأنت مُصيبة في هذا الحذر، فإن الرياء خفي، أخفى من دبيب النمل، كما جاء بذلك الحديث عن النبي (ﷺ)، فينبغي للإنسان المؤمن العاقل أن يحذر كل الحذر من الرياء، وأن يسدّ الأبواب التي قد يتسلّل منها الرياء إلى القلب، فيُخفي أعماله ما استطاع، لكن الفرائض التي شرع الله تعالى إظهارها؛ فينبغي إظهارها.

إذا وقع الإنسان في دائرة التُّهمة والشكّ به وإساءة الظنّ به؛ فإنه يُشرع له أن يُزيل عن نفسه هذه التهمة، وأن يُبعد نفسه عن الريبة، فيُخبر بأنه يُؤدي ما فرض الله تعالى عليه، حتى لا يُظَنُّ به ظنَّ السوء، إذا كان يأمن على نفسه من الوقوع في الرياء، فمجرد هذا الإخبار ليس رياءً؛ لأنه لا يعمل بقصد أن يراه الناس وأن يسمعوا، وإنما قصد بهذا الإخبار أن يُبعد عن نفسه ظنَّ المؤمنين السيئ به، وإبعاد نفسه عن الريبة، وهذا أمرٌ مشروع.

وقد جاء في الحديث عن النبي (ﷺ) أنه مرّ به بعض أصحابه وهو واقفٌ مع زوجته (ﷺ) في الظلام، فأسرعا المشي، فقال - عليه الصلاة والسلام -: «عَلَى ‌رِسْلِكُمَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ» فبيّن لهما - عليه الصلاة والسلام - أنها زوجته، وإنما فعل ذلك - عليه الصلاة والسلام - ليُبعد الظنّ الذي قد يُوقعه الشيطان في قلب هذين الرجلين، مع علمه (ﷺ) بأنهم لا يظنُّون به إلَّا الظنَّ الحسن، فإنهم من المؤمنين، وهو رسول الله (ﷺ)، ومع ذلك قال هذه الكلمات سدًّا للباب الذي قد يدخل منه الشيطان، فلمَّا قال هذان الصحابيان: (سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ) يعني: كَبُرَ عليهما أن يقول لهما هذه الكلمات، فقال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا - أَوْ قَالَ: شَيْئًا».

فهذا الحديث أصل في أن الإنسان ينبغي له أن يُبعد نفسه عن مواطن الريب والتهمة، ولهذا شرع الله سبحانه وتعالى العبادات المفروضة جهرًا، وقد جاء في أحاديث الصيام أنه إذا اعتُدي على الإنسان وهو صائم بلفظٍ أو نحو ذلك؛ فإنه يُذكّرُ نفسه ويُذكّر صاحبه فيقول: (إني صائم)، ولم يكن هذا رياءً ولا سمعة، ولكن لتحقيق مصلحة أخرى، وهي حبس النفس عن الوقوع في الخطأ، وأيضًا يُشعر الآخر فلا يُبالغ في الاعتداء، فالإخبار بأنه صائم لا يعني الرياء.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً