الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي يهمها نفسها فقط وأبي يهملنا ويبخل علينا!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أصبحت بعمري هذا، وفي كل يوم أشعر بالوحدة أكثر من قبل، أشعر أني يتيمة الوالدين رغم وجودهم بجانبي! نحن عشرة أبناء، فرّق شملنا، أما إخوتي فكل في مكانه، أحدهم تزوج وتركنا، والآخر يعولنا -لا حرمه الله الفردوس الأعلى- ينفق كل ما يجد علينا -والحمد لله- واثنان لا يهمهم أمرنا، والأخير كأنه واحد منا، شاب تعود على الاتكال على الآخرين، أخواتي تزوجت 3 منهن، وبقيت أنا وأختي الكبرى، الحمد لله حالنا مستور.

أنا فتاة عاقلة، أعلم أنني بنعمة من الله، وفضلني على كثير ممن خلق؛ فله الحمد دائماً وأبداً، أكتب لأنني أصبحت أنفر من والديّ، وأريد برهم؛ فقسوة أمي غير المبررة، أمي التي لم تكلف نفسها شيئًا لأجلنا، إذا مرضت لا تهتم لحالي، تطول بي أيام المرض لأيام طوال، ولا أجد حناناً ولا حباً، أما في كبري اهتممت بنفسي، كنت أضع الكمادات على رأسي، وأتألم بقهر، ليس بسبب المرض، بل أتألم أنه ليس لي أمٌ تدعو حتى الدعاء، أتألم على إهمالهم لي، وكأني لست شيئاً!

أمي التي تهمها نفسها فقط، إذا جعنا تأكل أمامنا وتتركنا نتظور، وننام جائعين، أمي التي لا تأمنا من خوف، ولا تحمينا من برد، كم أكتب!

أما والدي فيهملنا، ويبخل علينا، وقد سبق وكتبت استشارة عنه، وماذا أقول بعد! أنا مؤمنة بقضاء الله وقدره، والحمد لله على كل حال.

ما أود استفساركم عنه، كيف لي ببرهم وقلبي قاس عليهم؟ وكيف أحبهم؟

والثاني: كيف أشبع حاجتي للحنان والحب قبل الانجرار لما لا يرضاه الله؟ لا يأمن المرء على نفسه خصوصاً في ظل قسوة الأهل!

والسلام عليكم أجمعين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جويرية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونوصيك بوالديك خيراً، ونذكرك بأن البر طاعة لرب البرية، وأن تقصير الوالد أو تقصير الوالدة لا يبيح لنا التقصير، والإنسان عليه أن يقوم بما عليه، ومهما كانت قسوة الوالد أو تقصير الوالدة، فإننا نتقرب إلى الله -تبارك وتعالى- بالقيام بما علينا، بالإحسان إليهم والقيام بما نستطيع.

وسعدنا أن الله فتح عليك بأخ يهتم بكم وبأخت معك، أرجو أن تمارسي معهم علاقة الأخوة؛ وهي علاقة مليئة بالعواطف والاهتمام، ثم نوصيك بأن تصلحي ما بينك وبين الله -تبارك وتعالى- وابحثي عن صديقات صالحات، يكن عونًا لك على طاعة رب الأرض والسماوات، ولا ننصح بتذكر تقصير الأم في الطفولة؛ فالحمد لله أنت الآن عاقلة، وشاكرة لنعم الله -تبارك وتعالى- عليك، وواضح أنك أيضًا عندك قدرات علمية، والدليل هو هذه الاستشارة المرتبة، التي تكتبين فيها هذا الكلام المهم.

ولكن نحن لا ننصح بالعودة إلى الوراء؛ لأن هذا هو الشيطان الذي يريد أن يحزننا، وهم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان، وأنت -ولله الحمد- تجاوزت مرحلة الطفولة بأمراضها، والإهمال الذي حصل فيها، وصلت إلى مرحلة سيحتاج لك غدًا الوالد والوالدة رغم قسوتهم ورغم تقصيرهم، فعليك أن تهيئي نفسك للقيام بما عليك تجاه كل من حولك من الإخوة والأخوات، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يوفقك وأن يرفعك عنده درجات.

واعلمي أن الإنسان حتى لو حصل الجفاف في داخل البيت ما ينبغي أن يتجاوز الحدود في ممارسة العواطف، وفي التقرب مع الآخرين؛ ولذلك نوصيك بأن تتقربي من الصالحات، واحشري نفسك في زمرة الطيبات، واعلمي أن كثيراً من الصالحات من النساء تبحث عن فاضلة مثلك لابنها أو لأخيها أو لعمها أو أي محرم من محارمها -نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد- ونحب أن نقول: إذا فقد الإنسان العواطف والاهتمام ما ينبغي أن يطلبه إلا بالوجه الذي يرضي الله تبارك وتعالى.

ونسأل الله أن يهدي والديك إلى الحق والخير والصواب، وأن يردهم إلى ما عليهم من الواجبات حتى يهتموا بكم، ونسأل الله أن يجمع شمل العائلة، وأن يلهمكم السداد والرشاد هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً