الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقصير الوالدين في حق الابن هل يبيح له تجاهل حقوقهما؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تطلق والداي حينما كان عمري 3 سنوات، وكل منهما تزوج، وتربيت مع زوجة أبي، وكانت طفولتي سيئة؛ بسبب تعذيب أبي لي، وحرق جسدي، وكذلك أفعال زوجته أثناء وجوده في العمل.

كبرت وقررت الابتعاد عنهما والسفر للخارج، وبدء حياة جديدة، أكملت دراستي بالخارج، وعوضني الله خيرًا، كبر أبي وأمي كذلك، وأصبحا بحاجة لمساعدتي المادية لهما، ولكن نفسي تذكرني بأفعال أبي وزوجته، وأفعال أمي التي كانت تميز إخوتي غير الأشقاء علي في كل شيء، والآن يريدان أن أساعدهما بالمال، وما بداخلي يقول لي: لا تساعدهما، ولا بد أن يذوقا ما سبباه لي من الأذى النفسي والجسدي.

ماذا أفعل؟ وهل يجب علي مساعدتها، وتجاهل إحساسي الداخلي نحوهما؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو مهيب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخانا الفاضل- في الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الخير، نكرر الشكر على هذا التواصل والاهتمام بهذه القضية، وعليك أن تحمد الله الذي وفقك وحفظك وأيّدك، وأعانك على تجاوز صعوبات البدايات، ونسأل الله أن يرفعك عنده درجات.

لا شك أن حق الوالدين عظيم، ومهما حصل من التقصير فإن الوالد يظلُّ والدًا، والوالدة تظلُّ والدةً، لهما من الحقوق الشيء الكبير والعظيم، وما حصل من التقصير من ناحيتهما سيحاسبهما عليه الله، وإنْ قصّرت أنت أيضًا في حقهما، سيُحاسبك الله تبارك وتعالى.

ولذلك نرجو ألَّا تُقصّر في مساعدتهما، والوقوف معهما في كِبر سِنِّهما، ومن المهم كتمان هذه المشاعر السالبة، التي نتمنَّى أن تكون قد مضت مع هذه النجاحات، وإذا ذكّرك الشيطان بما حصل لك من الألم فتذكّر توفيق الله، وتذكّر مغفرة الله، وتذكّر الثواب الذي عند الله تبارك وتعالى، فإنك بالبر تفوز فوزًا عظيمًا، تفوز بالجنة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "فَالْزَمْ رِجْلَهَا ‌ثَمَّ ‌الْجَنَّةُ"، وقال: "الْوَالِدُ ‌أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ فَحَافِظْ عَلَى الْبَابِ أَوْ ضَيِّعْ".

إذا كان الإنسان عليه أن يسامح الآخرين ممَّن ظلموه وآذوه، ويدفع بالتي هي أحسن، رغبةً في ما عند الله، لقوله: {ألا تحبون أن يغفر الله لكم}، فكيف إذا كان العفو تجاه الوالد أو تجاه الوالدة؟

أكرر: ما حصل من التقصير سيحاسب عليه السميع البصير سبحانه وتعالى، ولكن لا تُشارك في التقصير، ولا تنسحب من حياتهما وهما أحوج ما يكونا إليك، والإنسان -كما قلنا- إذا وجد محتاجًا لا يعرفه فإنه يقف معه ويُسانده، انطلاقًا من تعاليم ديننا الحنيف، وانطلاقًا من مشاعر الخير التي غرسها الله في نفوس البشر، فكيف إذا كان هذا المحتاج -أو تلك المحتاجة- هو الأب أو الأم؟

نسأل الله أن يُعينك على تجاوز هذه المشاعر السالبة، وأرجو أن تجعل من شُكرك لله استخدام ما أنعم الله عليك في طاعته، وبر والديك والإحسان إليهما، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يغفر الذنوب، وأن يُؤلّف بين القلوب.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً