الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعقدت أموري ولم تتحسن تماماً، ماذا أفعل مع هذا البلاء؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرًا.

أعاني من ابتلاء له سنين، والحمد لله فقد وفقني ربي لعلاجه، لكنه متعب جداً ونتائجه ضعيفة، وصبرت ولله الحمد، وفي آخر فترة قررت اللجوء أكثر لله تعالى، والالتزام بقراءة سورة البقرة لنيل الأجر، وبهدف الشفاء وفك الكرب وفك التعطيل في حياتي.

سبحان الله! أموري لم تتحسن تمامًا، واضطررت لأخذ ضعف الكمية من الدواء، وحياتي الشخصية معطلة، وتعاطي أهلي مع مرضي ليس بحسن تمامًا.

لا زلت ملتزمة بقراءة سورة البقرة، وملتزمة بالذكر، لكن في آخر فترة صار يراودني شك في الاستجابة، وأحيانًا تراودني أفكار أني مطرودة من رحمة الله بسبب بلائي وتعقيد الأمور، وللأسف صرت أتكاسل عن القراءة، والله يعلم حالي من تعب ويأس، ودموع تغالبني.

سؤالي: هل ما أنا فيه غضب من ربنا؟ وكيف أستدل على الحل وقد أخذت بكل الأسباب الدنيوية؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sa حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلًا بك - أختنا الفاضلة - في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يُقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

وبخصوص ما تفضلت به فاعلمي - بارك الله فيك - ما يلي:

1- الابتلاء سُنّة جارية، وما من أحد إلَّا وله نصيب منه، وأكمل الناس إيمانا أشدهم ابتلاءً، قال ﷺ: «‌أشد الناس بلاءً الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ رَقِيقَ الدِّينِ، ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ ذَاكَ، وَإِنْ كَانَ صُلْبَ الدِّينِ، ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ ذَاكَ، قَالَ: فَمَا تَزَالُ الْبَلايَا بِالرَّجُلِ حَتَّى يَمْشِيَ فِي الْأَرْضِ ‌وَمَا ‌عَلَيْهِ ‌خَطِيئَةٌ».

فالابتلاء هو من السنن الكونية، ووقوعه على المخلوقين اختبار لهم، وتمييز بين الصادق والكاذب، قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}، وقال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}، وقال سبحانه: {الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ}، وقال رسول الله ﷺ: «‌عِظَمُ ‌الْجَزَاءِ ‌مَعَ ‌عِظَمِ ‌الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ».

2- قد يكون البلاء عقابا من الله وإنذارا للعبد، وهذا في حق من أجرم على نفسه بالمعاصي، أو يفعل الذنب بلا خوف ولا عودة، وهو خيرٌ له حتى يرتدع، وهذا بخلاف ما يقع على أهل الصلاح، إذ البلاء لهم رفع لدرجاتهم وعلو لمكانتهم عند الله عز وجل.

3- الله يريدك ثابتة راضية عنه، فكوني كما يريد الله عز وجل، واصبري واحتسبي، والتمسي الأجر من الله عز وجل، واعلمي أن الله ما ابتلاك إلَّا ليرفع درجتك، وما ابتلاك إلَّا وهو يحبك، ما دمت مقيمة على العهد، ثابتة على الطاعة، مؤدية لما يجب عليك من طاعة الله تعالى، وقد ذكرت أنك اقتربت من الله أكثر، وهذا طريق أهل العافية أختنا الكريمة.

4- يعينك على التحمُّل - أختنا الفاضلة - علمك بأن القدر الذي نزل هو أخف قضاء قضاه الله عليك، ولو اطلعنا على الغيب لاخترنا الواقع، وإذا نظرنا إلى أهل الابتلاء حولنا لعلمنا أننا -والحمد لله- مع كل ما أصابنا في عافية.

فاحمدي الله على ما أنت فيه، واجتهدي في بذل كل أسباب العلاج، واصبري، وصابري، وثقي أن الله سيكرمك من واسع فضله، فلا يضيع عند الله شيء.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً