الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالملل والفراغ وعدم فائدة الحياة، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من الملل غير الطبيعي، وأشعر أن الحياة عابرة لا فائدة منها، لا أشعر بالوقت، وأشعر أن الحياة غير حقيقية، وأعاني من الفراغ، أريد معالجة نفسي دون أدوية.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الشعور الذي ينتابك ربما يكون بسبب اضطراب المزاج، الذي من أعراضه: الشعور بالملل، والشعور بأن الحياة لا تستحق العيش فيها، والشعور بعدم الدافعية لعمل أي نشاط، والنظرة التشاؤمية للمستقبل، وعدم الشعور بقيمة الذات، ونقصان الثقة بالنفس، وما إلى ذلك من الأعراض.

فالتفكير السلبي يُدخل الشخص في نفق مظلم، لا يستطيع الشخص أن يرى فيه مباهج الحياة وزينتها، وما فيها مما هو ممتع وحسن؛ فالحياة فيها من النعم ما لا يُحصى ولا يُعدّ، وإذا بدأ الفرد بنفسه لعدّد نعماً كثيرة من نعم الله عليه، وإذا نظر إلى ما حوله يرى أيضًا أن هناك نعماً يفتقدها كثير من الناس، ولكنها متوفّرة وميسّرة بالنسبة له، وكما قال رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة، والفراغ).

فإذا لم يُستغلّ الصحة والفراغ الاستغلال الأمثل فسيندم المرء على التفريط فيها، ولا بد أن يكون استغلالهما بعمل الصالحات الدنيوية، التي تُفيد العباد، وكذلك الأخروية، من عبادات وأعمال صالحة يستفيد منها المرء في آخرته.

فالإنسان خُلق في هذه الدنيا ليعبد الله، وأن يُعمّر الأرض، كما قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلَّا ليعبدون)، وقال: (ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون)، فإذا لم تتحقق العبودية المقصودة فسيشعر الإنسان بالتعاسة، وعدم فائدة وجوده في هذه الدنيا؛ لأن الدنيا دار عمل وابتلاء واختبارات، والآخرة دار الجزاء، فإذا لم تزرع الخير في هذه الدنيا فلا تتوقع سعادة الآخرة.

فالحياة الدنيا فعلًا عابرة -كما ذكرت-، ولكن ينبغي أن تكون مطيّة للآخرة بالأعمال الصالحة، وألَّا يُضيّع الإنسان عمره فيما لا فائدة منه، بل يحرص على كل دقيقة فيها، وملئها بذكر الله، كما في الحديث الشريف: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان للرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم).

هذه أفعال بسيطة ولكن أجرها عظيم، وقس على ذلك كل عملٍ تعمله تنوي به الخير لإصلاح نفسك وإصلاح الآخرين، أو قضاء حوائجهم؛ فكل ذلك يجلب السعادة والرضا في الدنيا والآخرة.

فنقول لك -أيها الفاضل-: لا تيأس، وابدأ بوضع أهداف لحياتك، وادرس الوسائل المناسبة لتحقيقها، وكن متفائلًا، وتذكّر أن كل من سار على الدرب وصل، وضع في ذهنك دائمًا أن التغيير ممكن، وليس مستحيلًا مع قدرة الله تعالى، فما عليك إلَّا أن تسأله سبحانه وتعالى وتُلحَّ عليه بالدعاء، فإنه لا يُخيّب ظنّك ورجاءك -بإذن الله-.

ونوصيك بقراءة سير العظماء، وأولهم نبينا وسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وصحابته الكرام -رضي الله عنهم-، ثم الأمثل فالأمثل، وكل مَن كانت له بصمات واضحة في هذه الدنيا من العلماء والمفكّرين والمخترعين المحدثين والقدامى.

كما نوصيك أيضًا: بمصاحبة الأخيار والصالحين، والابتعاد عن المثبطين وذوي الهمم الوضيعة، واحرص على ما ينفعك، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وفي كلِّ خيرٍ احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز).

نسأل الله سبحانه وتعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً