الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خاطبي يزداد التزامًا وتمسكًا بالدين ولكن نفسي تميل لتركه، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تمت خطبتي لشاب نحسبه على خير، يحبني كثيرًا، ولكنه غير متدين، يقوم بفروضه: يصوم، وبار بوالديه جدًا، غير بخيل، متصدق، مساعد للآخرين، لكن ينقصه الكثير من الأمور الدينية، مثل: حفظ القرآن، الأحكام، والتجويد، لم يكن يعلم منها ولا القليل!

بدأت معه في حفظ القرآن، والحمد لله يحفظ جيدًا، كان يسمع الأغاني وعندما نصحته لتركها امتثل، وأصبح ينصح الآخرين بعدم سماعها.

أشعر بتحسنه في الجانب الديني، كنت سعيدة في بداية الخطبة، ولكني أشعر حاليًا بأني لا أتحمل أي كلمة منه، أشعر بالضيق من اهتمامه، أشعر أنه غير مناسب لي، كنت أريد شخصًا ملتزمًا يعينني على الطاعة، ولكني خائفة أن أتركه وأندم!

لم أعد أفهم نفسي، فما توجيهكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

سعدنا بهذه الإشادة بالشاب الذي نحسبه -كما قلتِ- على خير، وهو يُحبُّك، ثم قلت: (غير متديّن) لكنك ذكرتِ أنه يقوم بفروضه: يصوم، وبارٌّ بوالديه جدًّا، وغير بخيل، متصدِّقٌ، ومساعدٌ للآخرين، وهذه صفات عالية وغالية، ثم أشرت إلى أنه ينقصه حفظ القرآن، وهذا قطعًا مهمّ، لكن سعدنا لأنه يهتمّ ويتجاوب، وترك الأغاني، وبدأ أيضًا ينصح الآخرين بتركها، ويتحسّن في الجانب الدّيني، ماذا تريدين أكثر من هذا؟!

بُشرى لك -ابنتنا- بهذا الشاب، وبُشرى لك أيضًا بقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لأن يهدي الله بك رجلًا واحداً خيرٌ لك من حُمْر النِّعم)، فكيف إذا كان الرجل الذي طرق بابك، واختارك على مَن سواه لتكوني زوجةً له، وأُمًّا لعياله في المستقبل.

أرجو أن تستمري في حرصك على الخير، ونسأل الله أن يُبارك في هذا الشاب، وأن يزيده هدىً، وأن يردّه إلى الحق والصواب ردًّا جميلًا؛ وعليه: نحب أن نُشير إلى أن ما تشعرين به من ضيقٍ ومحاولات لإيقاف هذه العلاقة، هي من عدوّنا الشيطان الذي لا يريد لنا الخير، فهمّ الشيطان أن يُحزن أهل الإيمان، والشيطان إنما يقف في طريق مَن يسير في الطريق الصحيح، والشاب مناسب بالمؤهلات التي أشرت إليها؛ لأن التدين الحق الأصل أنه موجود، الأشياء الأساسية موجودة، فهو يقوم بفروضه، ثم جاء مستعداً للتحسّن، وهذا واضحٌ جدًّا، وهذا كافٍ في هذا الجانب.

فنسأل الله أن يُعينك على إكمال هذا المشوار، وتعوذي بالله من شيطانٍ لا يريد لك الخير، وأنت في مقام بناتنا وأخواتنا لا نريد لك إلَّا الخير؛ وعليه: فنحن نميل إلى الإكمال مع هذا الشاب، واعلمي أنك إذا تركتِه فقد لا تجدين مثله، وقد تجدين آخر متديِّنًا وفيه عيوب ونقائص أخرى.

والشريعة تقول في الرجل: "مَن ترضون دينه وخُلقه" وهذا أنتِ أشرتِ إلى أخلاقه ومساعدته للآخرين وكرمه، وأشرت إلى أن التديُّن الأصلي موجود فلا تُفرّطي فيه، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يُعينه على مزيد من الالتزام والعودة إلى الله تبارك وتعالى، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

ونكرر الشكر على التواصل، ونتمنّى أن يدوم هذا التواصل، ولا تستعجلي في إفساد هذه الخطبة التي لها مؤشرات غالية وعالية، وإيجابية وكبيرة، ونسأل الله أن يُؤلّف القلوب، وأن يغفر الزلّات والذنوب.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً