الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ندمت على دراستي طب الأسنان وأخاف المستقبل، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي مشكلة نفسية تسيطر على حياتي بشكل كبير، كنت طالبًا متفوقًا في سنواتي الدراسية، ولكن في الصف الثالث الثانوي، وبسبب تقصيري وإهمالي لم أحصل على مجموع يؤهلني لدخول الطب، فالتحقت بطب الأسنان في جامعة خاصة، ومنذ تخرجي وأنا أعاني من اكتئاب وقلق وندم شديد على تقصيري، وخوفي من المستقبل أثر على حياتي بشكل كبير، خاصة وأن مجال طب الأسنان مزدحم للغاية في بلدنا، وأخشى على نفسي من البطالة.

أشعر أن الله عز وجل لن يوفقني في المستقبل بسبب تقصيري؛ فالله يجازي المجتهد، في بعض الأحيان أشعر بأني غير قادر على إكمال الحياة، وأفضل الموت!

أرجو مساعدتي، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يفرج همك ويهديك إلى سواء السبيل، ما تشعر به من اكتئاب وقلق هو أمر مفهوم تمامًا في ظل الظروف التي مررت بها، وسنحاول مساعدتك من خلال تحديد مشكلتك، وتقديم النصائح التي قد تساعدك على تجاوز هذه المحنة.

إذا كنت تعاني من الأعراض الآتية:
1. الشعور بالحزن المستمر، أو الاكتئاب.
2. فقدان الاهتمام، أو المتعة في الأنشطة اليومية.
3. تغيرات في الشهية، والوزن.
4. صعوبة في النوم، أو النوم المفرط.
5. فقدان الطاقة والشعور بالتعب.
6. الشعور بالذنب أو النقص.
7. صعوبة في التركيز، واتخاذ القرارات.
8. أفكار متكررة عن الموت أو الانتحار.

فأنت تعاني من الاكتئاب والقلق -غالباً-، وهذا ليس تشخيصًا، وإنما إرشاد لك للبحث عن التشخيص من قبل مختص في الصحة النفسية لمساعدتك في هذا الأمر.

وإليك بعض النصائح المناسبة لوضعك:
1. عليك بالتوبة والاستغفار -إن كان تقصيرك في أمور شرعية-، وتذكر أن الله غفور رحيم ويقبل التوبة من عباده، قال الله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم} (الزمر: 53)، وحاول أن تزيد من استغفارك وتوبتك لله، وتذكر أن الله يفتح باب التوبة دائمًا. وإن كان تقصيرك ليس في أمور شرعية وإنما تقصد أنه كان فقط في مجال الدراسة والمذاكرة، فالنصيحة هي نفسها، فنحن مأمورون بالتوبة على كل حال، والاستغفار باب للرزق المدرار، قال تعالى: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا * يرسل السماء عليكم مدرارًا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا).

2. حافظ على صلاتك واجعل الدعاء جزءًا من حياتك اليومية، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الدعاء هو العبادة"، رواه الترمذي.

3. حاول أن تعتني بصحتك الجسدية والنفسية؛ من خلال ممارسة الرياضة، وتناول الطعام الصحي، والحصول على قسط كافٍ من النوم، فيمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على حالتك النفسية.

4. تحدث مع الأصدقاء والعائلة وشاركهم ما تشعر به، كما قد يكون من المناسب استشارة المختصين في المجال المهني، خاصة فيما يتعلق بطب الأسنان، أو التخصصات الأخرى.

5. الزم التفاؤل والأمل، وتذكر أن الله يختبر عباده بأمور مختلفة، وما تمر به قد يكون جزءًا من اختبارك في هذه الدنيا، قال الله تعالى: {إن مع العسر يسرا} (الشرح: 6).

6. ضع خططًا واضحة لمستقبلك المهني، وحاول أن تتعلم مهارات جديدة تزيد من فرصك في سوق العمل، وتذكر أن الجهد الحالي يمكن أن يعوض أي تقصير في الماضي.

7. القرآن الكريم هو شفاء للقلوب والأرواح، قال الله تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} (الإسراء: 82).

8. لا تندم على ما مضى، ولا تقل: (لو أني فعلت كذا لكان كذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان).

9. صحيح أن الله يكافئ المجتهدين؛ لكن هذا لا يعني أن الله تعالى غاضب عليك، فأنت اخترت مسارًا -كنت تظن حينها أنه هو الاختيار الصحيح-، ثم تبين لك لاحقًا خطأ هذا الاختيار، فلا داعي للالتفات إلى الوراء، وعليك باستقبال المستقبل بالتخطيط والاجتهاد، وما يدريك لعل اختيارك -طب الأسنان- هو الاختيار الأنسب لك.

10. حاول أن تطور من نفسك في مجال طب الأسنان، وأن تكون متميزًا، وذلك بترفيع شهاداتك، وزيادة الكورسات العلمية في مجالك، ومع الخبرة العملية ستكون -بإذن الله- من المتميزين، والمتميزون تفتح لهم الأبواب في كل مكان.

أخي العزيز: الحياة مليئة بالتحديات، ولكن -بإذن الله- يمكننا تجاوزها بالصبر، والإيمان، والعمل الجاد، أسأل الله أن يفرج همك، ويمنحك السكينة والطمأنينة في قلبك.

وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً