الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستطيع أن أتجاوز الماضي بحسراته وإخفاقاته؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود استشارتكم عن حالة أرقت مضجعي، وما عدت أدرك هل ما أفكر فيه سلوك طفولي أم حالة طبيعية؟!

في آخر سنة في الثانوية أُصبت بمرض أخّر حياتي سنوات عن أقراني، على كل الأصعدة، وليس فقط علمياً، أثر ذلك سلباً علي، ثم للأسف اتجهت إلى مستنقع الإباحية، حتى امتد الأمر لسنوات، فأصبح المرض والإدمان يفتكان بي.

الآن بفضل الله -جل جلاله- تجاوزت الأمرين، لكن ما عدت أستطيع العيش بشكل طبيعي، خاصة حين أنظر إلى من تفوقوا علي في كل شيء، وكنت متقدماً عليهم بمراحل! أدرك أن العيش في الماضي ضرب من الجنون، لكن ما الصواب؟

أفيدوني، ما العمل الآن؟ وفقكم الله لكل خير، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد -حفظه الله-.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك وأن يُصلح الأحوال.

سعدنا جدًّا بالعبارة الواردة التي قلت فيها: "الآن بفضل الله -جلَّ وعلا- تجاوزتُ الأمرين"، وهذا التجاوز الذي حصل سنبني عليه ردنا، فاستقبل الحياة بأملٍ جديدٍ، وثقةٍ في ربِّنا المجيد -سبحانه وتعالى-، وهنيئًا لمن خرج من الإباحية، وهنيئًا لمن خرج من الأفكار السلبية، واعلم أن هذا المرض -الذي أصابك- هو ابتلاء من الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يكتب لك الأجر والثواب.

الإنسان يستطيع أن يُدرك ما فاته بتوفيق الله -تبارك وتعالى-، ثم بذل ما عليه، والقيام بالواجبات التي يستطيع القيام بها، وأوَّلُها كثرةُ اللجوء إلى الله -تبارك وتعالى-، والإقبال على كتابه، والحرص على ذكره وشُكره وحُسن عبادته.

اعلم أن ما فقدته بسبب المرض قد لا يأتي بين لحظةٍ وأخرى، لكن المهم أن يبدأ الإنسان مُستعينًا بالله -تبارك وتعالى-، واحرِصْ دائمًا على أن تفعل الخير، وتدعو إلى الخير (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز).

الذي نجح في أن يترك المعصية ونجح في الخروج من مستنقع الإباحية، وفي أن يتجاوز ظروف المرض؛ هذا دليل على أنه -بتوفيق الله- قادرٌ على أن يمضي إلى الأمام، ونبشّرك بأن مَن سار على الدرب وصل، فأرجو ألَّا تستعجل التغيير، واعلم أن المسألة تحتاج إلى خطوات، فالعافية درجات، والمهم أن تبدأ، مستعينًا بالله -تبارك وتعالى-، ولا تُقارن نفسك بمن فوقك في أمور الدنيا دائمًا، والتزم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (انظروا إلى مَن هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى مَن هو فوقكم، كي لا تزدروا نعمة الله عليكم).

أمَّا في أمور الآخرة فيأمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ننظر إلى مَن هم أعلى مِنَّا صلاةً وصلاحًا وتلاوةً وخيرًا، حتى نتأسى بهم، لكن هذه الدنيا الإنسان ينظر إلى مَن هم أقلَّ منه، حتى يشعر بالنعم التي عنده ولا يزدريها، بل ويزيد في شُكرها حتى يزيده الله غيرها، فإذا شعر بالنعم وشكرها نال بشكره من ربِّه المزيد.

نسأل الله -تعالى- أن يجعلنا وإيَّاك ممَّن إذا ابتُلوا صبروا، وإذا أُعطوا شكروا، وإذا أذنبوا استغفروا، وأن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يفتح لنا ولك الأبواب، ونكرر الترحيب بك في الموقع.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً