الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت إحدى قريباتي وأود خطبتها لكني ما زلت أدرس.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالب جامعي، وبعمر الـعشرين، طموح، ومن أوائل تخصصي، و-الحمد لله- أطمح بالتخصص بعد إنهاء مرحلة البكالوريوس، وذلك بالتوجه إلى الدراسات العليا، هذا كان كل تفكيري قبل نحو شهر ونصف من الآن، أصلي وأصوم، وأقرأ وردي القرآني يومياً، وأحفظ القرآن، والحمد لله الذي أنعم عليّ بهذه النعم.

قبل نحو شهر ونصف جاءت لبلدنا فتاة من أقاربي، وبنفس عمري، كنا في السابق قد تربينا مع بعضنا البعض، ولم أكن أفكر بها إلا كأخت، حتى رأيتها هذه المرة فلفت انتباهي وأخذني حسنها، وهي -الحمد لله- محتشمة، تصلي وتصوم، وتقرأ القرآن، وبنت عائلة كريمة، فصرت أدعو الله أن يجمعني بها في الحلال، وأن تكون من نصيبي دنيا وآخرة.

الذي يشغل بالي أني وهي في الدراسة الجامعية، وبأي حال لن أتقدم لخطبتها إلا بعد انتهائنا من الجامعة، هي تدرس بكالوريوس ٤ سنوات، وأنا ٦ سنوات؛ أي هناك فارق بيننا بسنتين.

أخشى أن تفوتني خطبتها، أو أن تكون قد خطبت في السنتين، وأنا كما هو معروف بعد تخرجي بحاجة لسنوات؛ لتكوين ذاتي ونفسي؛ لكي أستقر، وبهذا زاد خوفي من أن لا تكون من نصيبي.

لقد أهمني هذا الأمر كثيراً، فأصابني تقلب في المزاج، وتأثر فكري كثيراً، وأشغلني الأمر، حتى البارحة صليت صلاة الاستخارة، وقلت: إن كان لي فيها خير، وأن تكون من نصيبي فاجمعني بها يا رب، ودعوت بدعاء الاستخارة، فرأيت حلماً ساراً، و-الحمد لله- استيقظت منشرح الصدر.

الآن لا أدري ماذا أفعل؟ هل أستمر بالدعاء ليجعلها الله من نصيبي؟ لأنني كما أشرت أخاف أن يأخذها غيري في آخر سنتين من دراستي، وقبل أن أتخرج.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمرو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً: نود أن نهنئك على نجاحك الأكاديمي، واهتمامك بالحفاظ على العبادات والطاعات.

ما تشعر به تجاه قريبتك هو شعور طبيعي؛ خاصةً أنك تعرفها منذ الطفولة، وترى فيها الصفات التي تفضلها في شريكة حياتك.

من الواضح أن قلبك متوجه نحوها، وأنك تشعر بالقلق من فقدان هذه الفرصة، وإليك بعض الخطوات التي قد تساعدك في التعامل مع هذه المشاعر:

1. بما أنك صليت صلاة الاستخارة، وحصلت على راحة في قلبك بعد ذلك، فهذا مؤشر إيجابي، ومع ذلك فصلاة الاستخارة هي طلب من الله أن يرشدك إلى الخير في أمرك، وهذا يتطلب منك أن تكون على استعداد لقبول أي نتيجة تأتي بعدها.

2. الدعاء من أهم الوسائل التي تربط العبد بربه، إذا كنت تشعر بالراحة بعد الدعاء فاستمر في ذلك، واطلب من الله أن ييسر لك الخير حيث كان.
الله تعالى يعلم الغيب، وإذا كانت هذه الفتاة خيراً لك فسييسرها الله لك في الوقت المناسب ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَیَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِینَ﴾ [غافر ٦٠].

3. من الحكمة أن تضع خطة طويلة الأمد لتأسيس حياتك المستقبلية، إذا كنت تشعر بأن الانتظار قد يسبب لك القلق، فقد تفكر في الحديث مع أهلك عن مشاعرك، ورغبتك في الزواج منها مستقبلاً، ربما يمكنهم توضيح نواياك للعائلة الأخرى بطريقة غير رسمية؛ مما يفتح المجال للنقاش بشكل مبدئي دون استعجال.

4. الزواج قسمة ونصيب، ولا أحد يعلم ما يخبئه المستقبل، الثقة بالله والصبر على ما قد يكون مكتوباً لك، هو من أهم ما يمكن أن تفعله في هذه المرحلة.

5. التركيز على دراستك وأهدافك، وألا تسمح لهذه المشاعر بأن تؤثر سلبًا على أدائك الأكاديمي، يجب أن تركز على تحقيق أهدافك الدراسية والمهنية؛ لأن هذه الأمور ستساعدك على بناء مستقبل مستقر بعون الله، وإليك بعض الخطوات المساعدة على ذلك:

- قبل بدء يومك قم بتحديد قائمة مهام واضحة، ركز على الأمور الأكثر أهمية، وحدد أولوياتك؛ سيساعدك ذلك على البقاء على المسار الصحيح.

- استخدم تقنية "البومودورو"، أو تقنيات مشابهة؛ حيث تعمل لفترة زمنية محددة (عادة 25 دقيقة) تليها استراحة قصيرة، هذا يساعد على الحفاظ على التركيز، ويمنحك فترات راحة منتظمة.

- حدد ما يشتت انتباهك، سواء كانت مواقع التواصل الاجتماعي، إشعارات الهاتف، أو حتى بيئة الدراسة، حاول تقليل هذه المشتتات، مثل: إيقاف إشعارات الهاتف، أو الدراسة في مكان هادئ.

- تمرينات التركيز مثل: التأمل، والتنفس العميق يمكن أن تعزز من قدرتك على التركيز، حتى دقائق قليلة من التأمل اليومي قد تحدث فرقاً.

نعني بالتأمل هنا: التفكر في إبداع الله تعالى في خلقه، فهذا يزيدك إيماناً، ويهون عليك مساوئ التعلق بهذه الفتاة.

- وجود روتين يومي منظم يساعد على تعزيز الانضباط الذاتي، ويقلل من فرص للتشتت، حاول تنظيم يومك بحيث تخصص وقتًا محددًا لكل مهمة، ﴿ٱلَّذِینَ یَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِیَـٰمࣰا وَقُعُودࣰا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَیَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَـٰذَا بَـٰطِلࣰا سُبۡحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ﴾ [آل عمران ١٩١].

- لا تنسَ أن تمنح نفسك فترات راحة كافية، العمل لفترات طويلة دون راحة قد يؤدي إلى الإرهاق؛ مما يجعل التشتت أسهل، اعتنِ بصحتك الجسدية والنفسية.

- النشاط البدني يساعد على تنشيط الدماغ؛ مما يزيد من القدرة على التركيز، كما أن النوم الجيد يمنح عقلك الراحة التي يحتاجها للعمل بفعالية.

- التوكل على الله في كل أمورك يمنحك السكينة والطمأنينة، ويعينك على التركيز على ما هو مهم، الدعاء يساعدك على الاستمرار في السعي لتحقيق أهدافك دون قلق مفرط، ابدأ يومك بدعاء الله أن يوفقك في أعمالك، وأن يحفظك من التشتت.

في النهاية: إذا كانت هذه الفتاة من نصيبك فإن الله سيسخر لك الأسباب للزواج بها في الوقت المناسب، أما إذا كان قدرها مع شخص آخر فسيعوضك الله بما هو أفضل لك، طالما كنت متوكلاً عليه وصابراً.

وفقك الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً