الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس إيذاء النفس تزعجني وتخيفني، فكيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت أجرح نفسي في الماضي، و-الحمد لله- توقفت عن ذلك، ولكن الوساوس تراودني في بعض الأحيان لإيذاء نفسي، وتكون بشكل قوي، مثال: عند رؤية أداة حادة أفكر بقطع يدي، أو (فقع) عيني، وأشياء أخرى يصعب شرحها، وهذه الوساوس تضايقني وتخيفني.

ولكم جزيل الشكر مقدمًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أنثى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

بالنسبة لموضوع ما يحدث لدى بعض الفتيات في مثل عمرك من الميول والجنوح نحو إيذاء النفس بطرقٍ بسيطة، مثل: إيقاع جروح على الرسغ، ومعظم هذه الجروح تكون سطحية؛ فأحد التفسيرات العلمية لهذا الأمر هو أنها لمجرد علاج الضجر أو الملل، أو أن الفتاة تكون في وضعٍ نفسيٍّ سلبي، ولديها بعض الصعوبات وبعض المشاكل، ولم تجد أي متنفّس أو طرق منطقية لمواجهة مشاكلها وحلِّها؛ فتلجأ لهذا النوع من السلوك؛ كجرح النفس في اليد، أو في أجزاء الجسد الأخرى.

طبعًا هذا سلوك مرفوض، وهو أصلًا -الحمد لله تعالى- يكون عارضًا، نعم، لا يستمر لفترات طويلة، ونعرف تمامًا أن الفتاة التي تقوم بمثل هذا الفعل ليس لها قصد في أن تُؤذي نفسها، أو تقتل نفسها، فقط هو مجرد نوع من التنفيس بصورة خاطئة.

وعليه نقول: إن الشخص يمكن أن يقوم بالتعبير عن نفسه بأساليب أخرى، حتى في أوقات الضيق والشدة، مثل: أخذ نفسٍ عميقٍ، أو بترديد الاستغفار والتسبيح والتحميد والتهليل، أو بتغيير وضعه الذي عليه، أو بتغيير المكان؛ فهذه كلها وسائل ممتازة جدًّا، بدلًا من إيذاء النفس وتشويهها.

لذا -أيتها الفاضلة الكريمة-: أرجو ألَّا تقعي في هذا السلوك أبدًا، وأنت -الحمد لله تعالى- قد توقفت عنه، وهذا أمرٌ جيد، والآن انتابك الوسواس بإيذاء النفس، بقطع اليد، أو بفقع العين، فأنا أؤكد لك أن هذا لن يحدث -بإذن الله تعالى-، فالوساوس العنيفة لا يقع فيها الإنسان، فأرجو أن تُحقري هذا الشعور، وألَّا تُحللي هذا الوسواس، ولا تنسجمي معه أبدًا، ولا تدخلي في تفاصيله.

حين تنتابك هذه الهفوات الفكرية قولي للوسواس: "أنتَ وسواسٌ حقير، أنت حقير، أنا لن أتبعك أبدًا، أنت تحت قدمي، أنت ..." وهكذا، وقومي بفعلٍ آخر، اصرفي انتباهك، من خلال تذكُّر فكرة جميلة عن دراستك الجامعية، وعن التخرّج، ويوم التخرج، وشيءٌ من هذا القبيل، تذكّري أي شيءٍ جميل في حياتك.

عليك بكثرة الاستغفار، والإنسان حين يقول: (أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلَّا هو الحي القيوم) يقوي النفس، ويجعلها في حالة من السكون الداخلي؛ لمواجهة مثل هذه الوساوس والمواقف.

أيضًا التدرُّب على تمارين الاسترخاء، بأخذ نفس عميق وبطيء عن طريق الأنف، ثم حصر الهواء في الصدر لفترة قصيرة، ثم إخراج ذلك الشهيق بقوة وبطء عن طريق الفم -أي الزفير-، هذا أيضًا من العلاجات الممتازة جدًّا، وأريدك أن تتوسّعي في تطبيق تمارين الاسترخاء (2136015)، وذلك من خلال مشاهدة أحد المواقع التي توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، وسوف تجدين برامج ممتازة جدًّا على اليوتيوب.

أيتها الفاضلة الكريمة: أرجو أن تصرفي انتباهك تمامًا من خلال الاجتهاد في دراستك، وحُسن إدارة وقتك، والصلاة في وقتها، وأن يكون لك فعاليات أسرية إيجابية، أن تكوني بارَّةً بوالديك، أن تُرفّهي عن نفسك بما هو طيبٌ وجميل. هذا يصرفك تمامًا عن هذه الأفكار الوسواسية القبيحة، فالوساوس العنيفة أصحابها لا يُطبّقونها ولا يتبعونها.

طبقي ما ذكرته لك، و-إن شاء الله تعالى- سوف تتبدّل الأمور إلى ما هو إيجابي، وإذا لم تتحسّني أرجو أن تذهبي إلى الطبيب النفسي؛ ليصف لك أحد الأدوية الممتازة التي تصرف تمامًا هذا الفكر الوسواسي، ومن أفضل الأدوية عقار يُسمَّى (Faverin-فافرين) واسمه العلمي (Fluvoxamine-فلوفوكسامين)، ودواء آخر يُسمَّى (Sertraline-سيرترالين) واسمه التجاري (lustral-لوسترال)، لكن لا تتناولي هذه الأدوية إلَّا عن طريق الطبيب، وذلك نسبةً لعمرك، وقد لا تحتاجين لها -كما ذكرتُ لك-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً