الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ينتابني قلق بسبب عملي الذي يتطلب التنقل من مكان لآخر!

السؤال

عمري 30 سنة، وأعاني من القلق الشديد، الذي يصاحبه اكتئاب ووسوسة تصل للتفكير في أذية نفسي، هذا الكلام كله السبب الرئيسي فيه أن شغلي يحتاج أن أتنقل كل فترة من مكان لمكان، ولا أعرف كيف أتأقلم مع المكان الذي أذهب إليه بسرعة، فأدخل في الحالة التي ذكرتها!

أنا -الحمد لله- أصلي وأذكر الأذكار، ذهبت لراق شرعي، قال لي: مشكلتك نفسية، وطلب مني أن أعرض نفسي على طبيب، وأنا خائف من العلاج النفسي؛ لأجل الأضرار، في نفس الوقت حياتي تذهب، ولا أعرف ماذا أعمل؟ ولا يمر شهر إلا تأتيني هذه الحالة، فهل من علاج لحالتي أو نصيحة؟ دلوني.

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، والذي أشرت فيه إلى نقطتين:

النقطة الأولى: أنك تشعر أنك تعاني من القلق والاكتئاب والوسواس، وهنا أريد أن أذكر أن القلق يختلف عن الاكتئاب، ويختلف كذلك عن الوسواس، فكنا نتمنى لو أعطيتنا تفاصيل أكثر عن هذه الجوانب الثلاثة، ويا تُرى أيُّها أشد عليك: هل هو القلق، أو الاكتئاب، أو الوسواس؟

على كل حال: أنت تشعر أن هذه الأمور التي تعاني منها تعود لكون عملك يتطلب التنقل من مكان إلى آخر، ولا شك أن هذا يضع ضغطًا عليك؛ حيث عليك أن تتكيف مع المكان الجديد، والظروف الجديدة، وما هو إلَّا وقت طويل أو قصير حتى تنتقل إلى مكان آخر.

هنا سؤال أخي الفاضل: هل يا ترى إذا استقر عملك في مكان واحد -وهذا طبعًا ننصح به- هل يمكن أن يخف القلق والاكتئاب والوسواس من تلقاء نفسه، وبالتالي لا تحتاج إلى علاج؟ -وكما يُقال: "النافذة التي يأتيك منها الريح، سدَّها واستريح"- فبذلك يمكن أن تُعالج أصل الموضوع.

أمَّا إذا كان قلقك واكتئابك وهذا الوسواس له علاقة بالتنقل، ولكنه ليس السبب الوحيد، فهنا لا بد من علاج هذه الأعراض النفسية.

النقطة الثانية التي ذكرتها: هي خوفك من العلاج النفسي.
أخي الفاضل، أنت -الحمد لله- ملتزم بالصلاة والعبادة، وحبيبنا المصطفى ﷺ يقول: "تداووا عباد الله، فإنه ما أنزل الله من داءٍ إلَّا وأنزل له دواء" وقال: "لكل داء دواء". فهذا التوجيه النبوي كما ينطبق على الأمراض البدنية، هو ينطبق أيضًا على الأمراض النفسية؛ لذلك أدعوك ألا تتردد أو تتأخر في مراجعة الطبيب النفسي، وكما ذكر لك الشيخ هذا أمرٌ طيبٌ.

نعم، معك الحق أن تشعر بالتردد، وخاصة مع ما يسمى الوصمة الاجتماعية للمرض النفسي والعلاج النفسي والطبيب النفسي، ولكن هذا يجب ألَّا يمنعك من أن تطلب العلاج، خاصة إذا كانت تأتيك أفكار تُعرِّض نفسك للأذى.

أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك لهذه الخطوة، وأن تبادر وتستشير الطبيب النفسي؛ حيث يمكن أن يؤكد التشخيص: هل هو القلق، أو الاكتئاب، أو الوسواس، أو هم معًا، ومن ثُمَّ يشرح لك طريقة العلاج، هناك علاج دوائي، وهناك علاج نفسي عن طريق الحديث والكلام، أو هما معًا. اترك هذا للطبيب النفسي الذي ستستشيره، داعيًا الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً