الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحب نفس الفتاة التي يحبها صديقي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 19 سنةً، أحب فتاةً أعرفها منذ أن كنت في المرحلة الابتدائية، ولم يدر بيننا حديث، ولا أدري ما شعورها تجاهي، وفي يوم قال أحد أصحابي بأنه يحبها، وأنه كان يكلمها، وأشك بأنه يكذب؛ لأنها ابنة لعائلة محترمة، فهل أتقدم لها، أم أتجاهل أمرها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات إسلام ويب.

بدايةً: لا بد أن تفرق بين الحب والإعجاب؛ ففي مثل سنك يكون الاندفاع نحو الطرف الآخر قائمًا على أساس الإعجاب العاطفي، وليس الحب الذي ينبع من الرغبة في الزواج، وبناء أسرة، وعائلة، وهذا الاندفاع طبيعي جدًا؛ خصوصًا عندما يكون الشاب في بيئة لا تدفعه نحو اهتمامات تتناسب مع عمره، وتساهم في بناء شخصيته، فيجد العلاقات العاطفية مفتوحةً أمامه في كل مكان، ويزيد من ذلك تأثير الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي بوسائله المتعددة.

لذلك: فالخطوة الأولى قبل أن تفكر في خطبة هذه الفتاة هي أن تسأل نفسك: هل أنت فعلاً واعٍ تمامًا لما تتطلبه الخطبة والزواج من مسؤولية، مثل بناء أسرة، وتوفير احتياجات البيت، ورعاية أفرادها؟ وهي التي سماها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (الباءة)، فقال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).

الخطوة الثانية: أن تسأل نفسك: ما هي المعايير التي جعلتك تحب هذه الفتاة؟ وهل تحقق هذه المعايير أهدافك في الاستقرار الأسري مستقبلاً، بحيث تكون علاقتكما قائمةً على المودة والرحمة؟ أم أن الأمر مجرد اندفاع عاطفي في فترة المراهقة؟ فمن المعلوم أن أهم معايير الاستقرار الأسري هي الدين والأخلاق، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تُنكَح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك".

أخي العزيز: قرار الزواج قرار مهم ومصيري في حياة الإنسان، وحتى يحقق نتائج إيجابية، واستقرارًا نفسيًا، يجب ألا يكون قائمًا فقط على جانب الحب، مع تجاهل الجوانب الأخرى، والحرص على التفكير بواقعية واتزان؛ فهذا التجاهل قد يؤدي إلى صعوبات في التفاهم، وتحمل المسؤوليات، مما يسبب عدم الاستقرار في العلاقة الزوجية مستقبلًا؛ فالعيش في وهم الحب، واندفاع العاطفة دون واقعية، يؤدي إلى نتائج كارثية بعد الزواج.

لذلك إذا كنت مستعدًا، وواعياً بكل هذه الأمور، وكنت عازمًا على الزواج، فعليك أن تبادر دون تردد إلى خِطبة هذه الفتاة، فإذا كتب الله لك القبول عندها وعند عائلتها، فيمكن حينها التفاهم على بقية التفاصيل، وهذه الخطوة ستوضح لك إن كانت الفتاة أو عائلتها مرتبطين بوعد، أو بكلام مع صديقك أو غيره، كذلك ستعرف إن كان لديها أي ميول نحوك أو نحو غيرك.

مع مراعاة أمر مهم عند الإقدام على هذه الخطوة: وهو التأكد من عدم خِطبة صديقك لهذه الفتاة؛ لأن الشرع يحرم التقدم لخطبة فتاة مخطوبة لغيرك، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "المسلم أخو المسلم، فلا يحل له أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه". أما إذا كان مجرد كلام ورغبة دون فعل في خطبتها، فلا يُعدُّ خِطبةً.

وأخيرًا، لا بد أن تُعلق قلبك بالله تعالى، وما يختاره لك؛ فما يختاره الله هو الخير، فإن لم يقدر الله لك خطبة هذه الفتاة، فقد يكون الخير في غيرها، قال الله تعالى: "وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا۟ شَيْـًۭٔا وَهُوَ خَيْرٌۭ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا۟ شَيْـًۭٔا وَهُوَ شَرٌّۭ لَّكُمْ ۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ".

أكثر من صلاة الاستخارة، والدعاء بأن يختار الله لك الخير، ويدلك عليه، واحرص على بناء بيتك على طاعة الله؛ حتى يوفقك الله، ويعينك على السعي في هذا الطريق -بإذن الله-.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً