الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يريد مني الهرب إليه وترك خطيبي الذي قبله أهلي..ما العمل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة في العشرين من عمري، في سن المراهقة كنت أستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة، وتعرفت على شاب في آخر العشرين من عمره، هو شاب ملتزم، وأخلاقه جميلة، وأحبني وأحببته.

لم يكن بيننا سوى الرسائل، وكنا نتكلم كثيراً، وبعد أربع سنواتٍ كلمت أمي عنه فرفضته رفضاً تاماً؛ وكان السبب أنها لا تعرف عائلته أبداً، ولا يوجد أحد لتسأل عنه؛ لأنه من غير بلدنا.

حاولت كثيراً أن أقنعها حتى وافقت، وأخبَرت أبي لكن أبي أيضاً لم يوافق ورفض؛ لأنه لا يعرفه، وهو غريب عنا، وحاولت أمي أن تقنعه كثيراً ولمدة لا تقل عن سنة ونصف، ولكنه كان مصراً على رفضه بسبب أنه لا يعرفه، ولا يعرف عائلته.

هذه الفترة تقدم لخطبتي ابن صديق أبي، ورفضتُ أنا، لكن أهلي لم يسمعوا لي، وقالوا: إن هذا الشاب أفضل لكِ، في حكم أن لديه شهادة جامعية، وبأننا نعرفه ونعرف عائلته، ونعرف أخلاقه ودينه.

حاولوا إقناعي لكني لم أقبل، لكن أهلي كان لديهم رأي آخر، ثم أعطيت أمي الموافقة، وأنا الآن مخطوبة -مع كتب كتاب-، وبسبب هذا قطعت علاقتي مع الشاب، وقلت له إنه يجب أن نتوب عما فعلناه من ذنب، ويجب علينا أن لا نتكلم مرة أخرى.

الآن وبعد مدة طويلة أرسل لي رسائل كثيرة، يرجوني بها أن أعود إليه؛ لأنه لا يستطيع الحياة بدوني، ولم يستطع نسياني، وأنه سيفعل كل شيء في سبيل إسعادي، ودعاني أن أهربَ من أهلي وأذهب إليه! لكني لم أقبل؛ لأني لا أريد أن أحزن أهلي.

والله إني حزينة لأجله، ونادمة عما فعلته، فلا يسرني أن أرى شخصاً مكسوراً بسببي، وبنفس الوقت لا أستطيع فعلَ شيء؛ لأن أهلي لا يريدون فسخ الخطوبة.

تبت إلى الله وحاولت نسيانه؛ لأني لا أريد أن أخون خطيبي أيضاً، وأنا الآن لا أعرف ما العمل؟ وما الذي يجب عليّ فعله؟ أنا خائفة من أن أتخذ قراراً وأندم عليه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Lara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبعد:

لا شك أن تواصلك مع شابٍ لا تعرفينه محرم، وحديثك إليه اليوم بعد أن كُتب كتابك أشد حرمة، والشيطان المتربص بك والمريد الوقيعة لك سيظل دائماً يزين لك خصال الشاب الغريب عنك، ويبغض لك الزوج الحقيقي؛ حتى يقذف بك إلى الهاوية، كحال من زين لها الشيطان وأغواها، عياذاً بالله.

أختنا: العين ترى غير المقدور عليه على غير ما هو عليه، والشيطان سيظل يوهمك بأن حياتك الحقيقية هي مع هذا الشاب، وأنه يجب عليك ألا تكسري له قلباً، ولا تردي له طلباً، سيوهمك الشيطان بذلك في الوقت الذي ستكسرين فيه عشرات القلوب، منها قلوب والديك اللذين أنفقا عمرهما كله عليك، وأهلك وإخوانك وأخواتك، وهذا الزوج الصالح الذي ارتضاه أهلك لك!

كل هذا ليس مهماً في مقابل الحظوة بشابٍ ليس من بلدك، ولم تعرفي عنه إلا ما أراد هو أن يعلمك إياه، ولم تستبيني أخلاقه على الحقيقة، فهل هذا عقل أيتها الفاضلة؟! هل من العقل أن يخرج الإنسان من الأمان إلى الهاوية بقدمه؟!

أختنا: من لم يعتبر بغيره اعتبر به غيره، والرسائل تأتينا تباعاً من أخوات أغواهن الشيطان فخرجن وتزوجن بغير رضا أهلهن فماذا كانت النتيجة؟! كانت النتيجة استذلالاً واستعباداً من الزوج لها، ولا تستطيع أن تستعين بأهلها؛ لأنهم أوصدوا الباب دونها وللأبد، فاحذري من فعل ما حرم الله عليك، ومن هذه الخطوة التي فيها الأذى لك ولعائلتك ولزوجك.

أختنا: إن الزواج للمرأة بدون إذن وليها فنكاحها كما قال صلى الله عليه وسلم: (باطل) فهل تريدين لحياتك تلك البداية المؤلمة التي تبدأ بغضب الله عليك، وتمر بعداوة أهلك لك، ثم ترجين بعد ذلك خاتمة حسنة؟!

لقد أحسن أبواك حين اختارا لك هذا الزوج الذي تعرفونه، والذي فيه حسنات وسيئات كحال كل الشباب، غير أنه له أهل ولك أهل وبينكما دين وشرع، وهذا ما يؤمن الخاتمة.

نصيحتنا لك في نقاطٍ ثلاث:

1- التوبة إلى الله -عز وجل- مما حدث معك، والله -عز وجل- كريم حليم، يقبل توبة التائبين.

2- عمل (حظر) لرقم الشاب على جوالك، ثم مسح الرقم وللأبد، ثم تغيير رقمك الحالي، وتغيير كل وسيلة تواصل بينك وبينه، ومسح ما كان بينكما من محادثات أو صور.

3- لا تحدثي أحداً بما قد كان، وبالأخص زوجك، وافتحي له قلبك، وضخمي حسناته في نفسك، وتجاوزي عن الأخطاء منه، ولا تعقدي مقارنة بينه وبين غيره؛ لأنه حلال وغيره حرام، وهو حقيقة وغيره خيال.

هذا هو الطريق -أختنا- فإن سلكتِه فقد نجوتِ، ونعوذ بالله من الأخرى.

قومي الآن، ولا تتركي مجالاً للشيطان أن يمنعك، وامسحي الرقم بعد حظره، وغيري رقم هاتفك الآن الآن، وأغلقي هذه الصفحة وللأبد.

نسأل الله أن يسترك، وأن يحفظك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً