الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حصلت على فرصة عمل في مكان فيه فتن، فهل أقبل به؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حصلت على فرصة عمل في شركة، لكن الشركة مكانها ضمن منطقة سياحية، ولباس النساء في ذلك المكان كلباس الأجانب، سيئ لدرجة كبيرة من حيث الستر، وغير ذلك من الاختلاط في الشركة!

فماذا أفعل؟ علمًا بأني تائب، ومحافظ على صلاتي في المسجد، وأقوم بتعويد نفسي على غض البصر، ومن ناحية أخرى أنا محتاج للعمل، لكني لا أريد وضع نفسي في موضع فتنة!

أطلب نصيحتكم في الأمر، هل أقبل بهذا العمل وأحاول غض البصر، أم علي ألا أضع نفسي في هذا الاختبار من الأصل؟

وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع، ونهنئك بفضل الله تعالى عليك وتوفيقه لك بالتوبة، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على الخير حتى نلقاه.

لقد أصبت -أيها الحبيب- حين أدركت أنك بحاجة إلى تجنُّب الفتن وأسباب الفساد؛ فإن القلوب ضعيفة والشهوات والشبهات خطَّافة، ولهذا أرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الأخذ بأسباب السلامة، وذلك بالابتعاد عن مواطن الفتن، فقال -عليه الصلاة والسلام- كما في سنن أبي داوود: (إِنَّ ‌السَّعِيدَ ‌لَمَنْ ‌جُنِّبَ ‌الْفِتَنَ، وَلَمَنِ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ؛ فَوَاهًا).

كما أرشد -عليه الصلاة والسلام- إلى الحفاظ على الدين، وهو في البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه: باب من الدين الفرار من الفتن، وروى فيه حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي قال فيه: («‌يُوشِكُ ‌أَنْ ‌يَكُونَ ‌خَيْر ‌مَالِ ‌الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ)، أي يهرب خوفًا من أن يُفتن في دينه، ويخوض في الفساد مع الخائضين.

والنصوص في هذا المعنى كثيرة، كلها تُرشد إلى ضرورة تيقظ الإنسان المسلم، وانتباهه للمحافظة على دينه، فهو رأس ماله، والحياة الدنيا مهما اشتدت فيها المصيبة وضاقت بها الأحوال؛ فإن الإنسان إذا خرج منها وهو معافًى في دينه فقد فاز كل الفوز، ولهذا قال في الحديث الذي سبق (إِنَّ ‌السَّعِيدَ ‌لَمَنْ ‌جُنِّبَ ‌الْفِتَنَ).

ولهذا نحن ننصحك -أيها الحبيب- بأن تُصَبِّر نفسك، وتبحث عن رزق حلال بعيد عن مواقع الفتن، وسيجعل الله تعالى فرجًا ومخرجًا، ولو تعبت قليلًا، فإن المحافظة على دينك خير، والآخرة خيرٌ لك من الأولى، لكن إذا بلغت مرحلةً فيها شدة شديدة عليك، ولم تجد عملًا بالفعل تَسُدُّ به حاجتك، ففي هذه الحالة استعن بالله سبحانه وتعالى، والجأ إليه بكثرة الدعاء بالتوفيق والعصمة والحفظ، واعمل بما تدفع به عن نفسك الحاجة والضرورة، فإن الضرورات تُبيح المحظورات، كما في القاعدة الشرعية، ولا تستسلم لدوام هذا الحال، بل ينبغي لك أن تبحث في الوقت نفسه عن فرص عمل أخرى، ونرجو الله تعالى ألَّا تصل إلى أن تحتاج إلى هذه الأعمال في هذه المواطن والمواقع التي ذكرتَ ما فيها من الفتن.

نرجو الله تعالى أن يُيَسِّر لك ما يُغنيك عن ذلك، ونحثك على الصبر والبحث عن العمل في أماكن أخرى ما استطعت إلى ذلك سبيلًا.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يعصمك ويحفظك، ويكفيك بحلاله عن حرامه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً