الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أرجع لبلدي، أم أبقى في الغربة مع سوء حالتي النفسية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 22 عامًا، غير متزوج، وقد تم تشخيصي من قِبل طبيب نفسي سابقًا باضطراب القلق والتوتر المعمم، أعاني من أعراض مستمرة منذ شهر أبريل عام 2022 وحتى اليوم، منها:
- ضيق تنفس دائم وشديد.
- شد مستمر في العضلات.
- صداع وآلام في الجهاز الهضمي.
- ارتفاع في ضغط الدم أحيانًا.
- صعوبة في الكلام، حيث أشعر أنني أختنق أثناء الحديث، مما أفقدني الثقة بنفسي، وجعلني لا أحب الكلام.
- فوبيا من قيادة السيارة أثناء الازدحام.
- والكثير من الأعراض الأخرى التي أثرت سلبًا على حياتي اليومية.

قمت بإجراء جميع الفحوصات الجسدية اللازمة وكانت -بحمد الله- سليمة، وأخبرني الأطباء أن السبب نفسي، هذه الأعراض أثرت كثيرًا على حياتي اليومية، لدرجة أنني تركت الدراسة بسببها، وخصوصًا مشكلة ضيق التنفس التي لا تفارقني.

في العام الماضي سافرت إلى الخارج بحثًا عن فرصة لتحسين وضعي، لكنني لم أجد عملاً مناسبًا ولم أشعر بالراحة، بل ازدادت حالتي سوءًا.

حاولت العلاج السلوكي المعرفي، ولم أستفد كثيرًا، ولا أستطيع حاليًا زيارة طبيب نفسي في البلد الذي أقيم فيه بسبب التكلفة المرتفعة، كما أن الأدوية لا تُصرف إلا بوصفة طبية، وأنا في حيرة شديدة الآن، وأنا بين خيارين:

- البقاء في الغربة، مع صعوبة الحياة وازدياد الضغط النفسي.
- العودة إلى بلدي، رغم الظروف الصعبة هناك، ولكنها قد تمنحني بعض الراحة النفسية.

الجميع يعارضون حتى مجرد التفكير بالعودة، ولكن لا يعلم أحد بحقيقة معاناتي إلا الله، فما الذي تنصحونني به؟

جزاكم الله خيرًا، والخيرة فيما يختاره الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في موقع استشارات إسلام ويب.

أعراضك نفسية جسدية ناتجة عن القلق، وكما تلاحظ فإن معظمها يتمركز حول أن التوتر النفسي الداخلي يتحول إلى توتر عضلي، مما ينتج عنه ضيق التنفس، وانشداد مستمر في العضلات، والصداع، وارتفاع الضغط، هذه كلها أعراض ناتجة عن القلق كما تفضلت، وكما تلاحظ أن نمطها واحد تمامًا، وهو: قلق نفسي يُؤدّي إلى توتر نفسي، ثم إلى توتر عضلي بهذه الكيفية.

طبعًا القلق طاقة مهمة للناس في حياتهم؛ لأنه يحسن الدافعية ويحفز الإنسان نحو النجاح والإنجازات، لكن إذا زاد القلق عن حده المطلوب، فإنه يتحول بالفعل إلى ظاهرة سلبية.

بالنسبة لتحويل القلق من قلق مرضي إلى قلق صحي إنتاجي مفيد، فهذا بيد الله أولاً ثم بتوكلنا على الله، وأول خطوات علاج هذا النوع من القلق هي: حُسن إدارة الوقت، الفراغ الزمني، أو الذهني يؤدي إلى المزيد من التوتر، أمَّا الإنسان الذي يُدير وقته بصورة صحيحة ويعمل، وينطلق في جميع آفاق الحياة، غالبًا يكون قلقه قلقًا يتحول من سلبي إلى إيجابي، فاسعَ إلى ذلك –أخي الكريم– ولا تنهج منهج التشاؤم.

أنا ألاحظ أنك تحاصر نفسك بأفكار سلبية كثيرة، فعلى سبيل المثال: كل ما أوردته ينتهي بالصعوبات أو الفشل: البقاء في المكان الذي أنت فيه، الذهاب إلى بلدك، فرص العمل، كلها تنتهي بالنتيجة السلبية، لا أريدك أن يكون منهجك هكذا، بل كن متفائلًا، كن إيجابيًّا، وابحث عن العمل مهما كان، وإذا أردت العودة إلى بلادك، فليس هناك أي إشكال في ذلك، إذًا طريقة التفكير يجب أن تكون إيجابية، وكذلك المشاعر، وكذلك الأفعال أيها الفاضل الكريم.

يأتي بعد ذلك دور الرياضة، فهي أساسية جدًّا في علاج هذا النوع من الأعراض، والرياضة تقوي النفوس قبل أن تقوي الأجسام، وتؤدي إلى استرخاء النفوس كما تؤدي إلى استرخاء عضلات الجسم وكل أجزائه، فاجعل لنفسك نصيبًا جيدًا من الرياضة.

حسن التواصل الاجتماعي مهم جدًّا، بأن تقوم بالواجبات الاجتماعية، أن تصل رحمك، ألَّا تتخلف عن المناسبات، تكون شخصًا فاعلًا في أسرتك، هذا أيضًا توجيه إيجابي للقلق، وأن تحرص على العبادة، الصلاة على وقتها، قيام الليل، كل هذا يتيح لك –إن شاء الله– فرصة إيجابية جدًّا لتسمو بنفسك، وتزيل هذا القلق، وتكوّن نفسًا مطمئنة -بإذن الله تعالى- أرجو أيضًا أن تطبق تمارين الاسترخاء: (2136015)، تمارين ضرورية ومفيدة، وإن شاء الله تجد فيها خيرًا كثيرًا.

هناك دواء فعّال جدًّا لعلاج القلق، يسمى (فورتيوكسيتين - Vortioxetine)، هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريًا (برينتيليكس - brintellix)، أنت تحتاج له بجرعة (10 ملغ) يوميًا، لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها (5 ملغ) يوميًا، لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناوله، هو من الأدوية الممتازة والمفيدة جدًّا، ويمكنك أن تدعمه بدواء آخر لفترة قصيرة، يسمى (سولبرايد - Sulpiride)، هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريًا (دوجماتيل - Dogmatil) أرجو أن تتناوله بجرعة (50 ملغ) صباحًا، لمدة شهر واحد.

هذا ما أردنا أن نسديه لك من نصائح وتوجيهات وإرشادات علاجية مع وصف الدواء المطلوب، ونسأل الله تعالى أن يوفقك، وأن يسدد خطاك، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً