الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالات الرهاب الاجتماعي وارتباطها بحوادث معينة كوفاة أحد الأقارب

السؤال

أنا شاب في الأربعين من العمر، متزوج ولي أطفال، بدأت منذ أشهر قليلة وتحديداً بعد وفاة والدي أشعر بما يسمى بالرهاب الاجتماعي، فقد أصبحت أبتعد عن أي اختلاط بالناس في المناسبات، وحتى في الجلسات بين الأصحاب لشعوري بحالة رجفة في اليدين والقدمين، وكذلك أصبحت لا أستطيع الصلاة في جماعة (أي في المسجد) لشعوري أكثر من مرة بحالة رجفان قوية مما أثار انتباه المصلين الذين هم بجواري.

كما أنني لا أستطيع أن أكون إماماً للصلاة حتى مع أفراد عائلتي حيث يرتجف صوتي جداً، وأشعر بارتباك شديد، والآن أشعر بخوف وأبتعد عن الاجتماع بالناس، ولا أدري ماذا أفعل لأعود كما كنت في السابق.

أفيدوني، جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله لوالدك الرحمة والمغفرة، ولا شك أنه بعد وفاة الوالد ربما يكون حدث لك نوع من الاكتئاب النفسي، وهذا الاكتئاب تحول بعد ذلك إلى خوف ورهاب اجتماعي، وهذه الظاهرة نشاهدها في بعض الحالات.

الرهاب الاجتماعي -أيها الأخ الفاضل- هو أمر نفسي مكتسب، وهو لا يدل على الجبن أو الخوف الحقيقي، إنما هو موقف معين من موقف معين، أرجو أن تتخيل في نفسك أن هذه الأفكار أفكار سخيفة، وأنك لابد أن تقتحمها وتستبدلها بأفكار مضادة، قل مع نفسك: سأظهر أمام الآخرين، سأكون فعّالاً، سأشارك في كل مناسبة اجتماعية وسوف أصلي بالناس، لا تنقطع أيها الأخ الفاضل عن المسجد مطلقاً، اذهب وكن في الصفوف الأمامية.

أنا أقدر شعورك وحجم المخاوف لديك، ولكن الذي أود أن أؤكده لك أن الناس لا تراقبك بالصورة التي تتصورها، وأن صوتك لا يتقطع أو يرتجف كما تتصور، كما أن الرجفة ليست حقيقية في حجمها الذي تتصوره وكذلك الشعور بالارتباك، هذا الذي أقوله لك قائم على أسس بحثية علمية.

أنت إن شاء الله سوف تعود كما كنت سابقاً، فقط لا تطاوع هذه الأفكار ولا تتبعها ولا تنعزل اجتماعياً، ادفع نفسك للاختلاط للإقدام، هذا سوف يسبب لك قلقاً وتوتراً، ولكن صدقني بالتدرج وبمرور الوقت سوف يختفي الأمر.

الشق الثاني في العلاج هو العلاج الدوائي، وتوجد الآن الحمد لله أدوية فعّالة جدّاً لعلاج الرهاب الاجتماعي وما يرتبط به من اكتئاب ووساوس في بعض الحالات.

الدواء الذي أود أن أصفه لك يعرف باسم زيروكسات، واسمه العلمي باروكستين Paroxetine، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة 10 مليجرام – نصف حبة – ليلاً بعد تناول الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم ارفعها إلى حبة كاملة، وبعد أسبوعين ارفعها إلى حبة ونصف، واستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم يا أخي ابدأ في تخفيضها بمعدل نصف حبة كل أسبوعين، ثم توقف عنها، هذا الدواء من الأدوية الممتازة والسليمة والفعّالة جدّاً، وسوف يساعدك إن شاء الله كثيراً، وعليك بالتصميم والعزيمة كما ذكرت لك سابقاً.

هنالك يا أخي آليات أخرى غير مباشرة تساعد في اختفاء الهرع الاجتماعي، ومن هذه الآليات ممارسة الرياضة الجماعية مثل كرة القدم أو أي لعبة أخرى تناسبك، وكذلك الجلوس في حلقات التلاوة والمشاركة فيها تجعلك أيضاً تتفاعل اجتماعياً بصورة لاإرادية، وهذا إن شاء الله يجعل الخوف الاجتماعي يتلاشى ويختفي.

أرجو أن تطمئن يا أخي أن هذه الحالة سوف تنتهي إن شاء الله، عليك باتباع الإرشادات السابقة وتناول الدواء الموصوف.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً