الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية المحافظة على الصلاة لمن كان منشغلاً بالعمل

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أعمل منذ أسبوع في شركة تقوم بتجهيز مخابر التحاليل الطبية وغيرها بالآلات والمركبات الكيمائية.

أقوم حالياً بأخذ تكوين كي أفهم وأجيد استعمال هذه الآلات، وأعرف مختلف المركبات الكيميائية المستعملة، المشكلة التي تعترضني هي في المحافظة على صلاة الجماعة (وخاصة الظهر والعصر) وأيضاً في تأخير الصلاة داخل فترة الوقت الاختياري فلا أصليها في وقت الفضيلة.
فأحياناً أكون بصحبة رئيسي الذي يأمرني بمتابعة ومراقبة كيفية تركيب وعمل الآلة أو أكون في مخبر أمارس فيه هذا التكوين، ويكون المسجد بعيداً بعض الشيء 1 إلى 2 كم مثلا.

فأخشى إن خرجت وقتها لأداء الصلاة أن يفوتني جانب مهم من التكوين فأؤخر الصلاة، ولكن داخل دائرة الوقت الاختياري، فتفوتني صلاة الجماعة، ووقت الفضيلة.

فكيف علي أن أفعل في هذه الحالات؟ وما هي الأعذار الشرعية التي تبيح تأخير الصلاة، والتخلف عن صلاة الجماعة؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يثبتك على الحقّ، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن المسلم الحق هو من يتألم فعلاً لفوات الصلاة أو عدم صلاتها في جماعة؛ لأنه يعلم أن الوظيفة الإسلامية والوحيدة التي من أجلها خلق إنما هي عبادة الله جل جلاله وإقامة شرعه في أرضه، ويعلم أن أهم أركان الإسلام هي الصلاة، وأن شأنها عظيم وخطرها جسيم؛ لأنه لا حظّ في الإسلام لمن ضعيها أو تهاون فيها؛ ولذلك فالمسلم الصادق يرتب حياته بترتيب الله لها، فلا يقدم أي عمل مهما عظم على الدين خاصة الصلاة، فإذا كان هناك موعد أو رغبة في الخروج لعمل ما فإنه يتعين على المسلم أن يراعي أوقات الصلاة، فإذا كان موعد الصلاة قريباً فليجعل العمل بعد الصلاة، ولا يدخل فيه قبلها حتى لا يحرم من أدائها في الجماعة، وإذا أعطى موعدا لأحد راعى وقت الصلاة... وهكذا.

وعلى المسلم أن يجتهد قدر استطاعته في المحافظة على الجماعة، وأن يأخذ بالأسباب المعينة على ذلك، والتي أهمها ترتيب الأعمال على أوقات الصلاة، ووضع ذلك في الاعتبار دائماً.

ثم عليه كذلك أن يجتهد في الدعاء، وسؤال الله العون على أعمال الدين، والمحافظة على الصلاة، خاصة وأن الدعاء يرد القضاء، وقد وعد الله بإجابة الدعاء ((وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ))[الروم:6]، وإذا علم الله منك صدقاً وإخلاصاً فسوف ييسرك لك ذلك، ودليل ذلك قوله تعالى: ((فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى))[الليل:5-7]، وقوله:
((وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى))[مريم:76]، وقوله: ((وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ))[الأنفال:23]، فاجتهد في ذلك على قدر طاقتك واستطاعتك، واعلم أن الأعمال بالنيات، فاعقد العزم، واجتهد، واعلم أن الله لا يضيع أجرك، وأن النية الصادقة تنفع صاحبها حتى وإن فاته العمل.

وبما أنك حريص على صلاتك ولله الحمد وتبذل جهدك في ذلك فهذا هو المطلوب، وإن اقتضى الأمر أن تصلي الصلاة في وقتها في داخل محل عملك للحفاظ على عملك إذا لم تجد سبيلاً إلا بذلك فلا حرج عليك في أن تصلي في مقر عملك، وإن أمكن أن يكون ذلك مع بعض إخوانك الطيبين بحيث تقيمون الصلاة جماعة في الوقت الجائز لها فهذا أمر حسن، وبهذا تعين إخوانك أيضاً على طاعة الله وتظهر هذه الشعيرة الكريمة، مع بذل الوسع أن تصلي في الجماعة متى ما أمكنك ذلك، ولا حرج عليك في أن تصلي في مقر عملك أو أن تتأخر الصلاة شيئاً ما في الوقت الاختياري الجائز لها حتى تنتهي من حالة الإعداد التي أنت فيها في مقر عملك الجديد.

ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد، وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك، وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يزيدك من فضله وأن يفتح عليك من بركاته ورحماته.
وبالله التوفيق.




مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً