الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية القضاء على الحشرات والبراغيث ونحوها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كنت أعمل بشركة معمار في الصحراء، وكانت غرف العمالة الخشبية تفتقد النظافة مما نتج عن ذلك وجود الكثير من الحشرات مثل البراغيث والبق، وكان هذا يسبب لي الكثير من الضيق، وبعد أن تركت العمل خيل لي أن الأمر انتهى، ولكني اكتشفت أن تلك الحشرات انتقلت معي عبر جسدي إلى موطني وسكني، ولمدة أعوام عدة وأنا في عذاب، حيث باءت كل محاولاتي في القضاء عليها بالفشل.

علماً أني أقوم بغلي الملابس ورش الحجرات عشرات المرات، حتى بلغ الأمر أن قمت برش المبيد الحشري على جسدي، ولم أقصر في نظافتي الجسدية، وكثيراً ما أغتسل بصابون الفنيك وأحرق في ملابسي وأستبدل البطاطين، ولا أعرف لماذا أنا وحدي في بيتنا الذي تتمسك تلك الحشرات الجبارة بالتطفل عليه ولا تتركني سوى أيام قليلة بعد قيامي بعملية تغيير الفراش ورش المبيد، ثم تعود مرة أخرى، حتى إنني يئست، ولكني قرأت عن حبوب أمريكية تمنع فقس بيض البراغيث وأريد أن أعرف اسمها وهل تباع في الدول العربية؟ وكيف يتسنى لي القضاء على تلك الطفيليات العنيدة؟!

أفيدوني وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مسلم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فيجب أن نفرق بين عدة أمور:
1- العدوى بحشرة تنام وتتطفل إجبارياً على الجسد مثل القمل والجرب.
2- لدغ الحشرات المحيطة بالإنسان والتي لا تسكن على جسده.
3- الحساسية التي تشبه الحشرات وما هي بالحشرات.
4- الخوف من الحشرات الذي يصبح عصاباً ووسواساً يتخيل للمريض فيه أن الحشرات تهاجمه ولا ترحمه ولا يستطيع القضاء عليها.

5- الحساسية التي تشبه لدغ الحشرات، وسببها التحسس من الحشرات وإيقاظ الذاكرة التحسسية للبدن وعلى رأسها الأُكالات.

ومن القصة لم تذكر ما نوع الحشرة؟ وهل رأيتها في بيتك بعد العودة من المكان الموبوء؟ وما شكلها؟ وهل هي طيارة أم زاحفة؟ وكل ما ذكرته هو البق والبراغيث - في الموضع السابق لإقامتك الحالية - وكلاهما غير مقاوم، أي يموت بالعلاج بالمبيدات وليس بالكثافة التي تذكر.

ويجب أن لا تستعمل المبيد على جسدك إن كانت الحشرات لا تسكنه - أي إن كانت زائرة -، فالناموسة تلدغ وتهرب ولا يفيد بعدها حتى ولو غسطت نفسك في السموم المبيدة للحشرات، بل على العكس ستكون هناك آثاراً سمية عليك بينما تكون هي في منأى عن هذه السموم.

وبالعكس فإن بخ الأماكن التي تعيش بها والإكثار من المبيدات لن يميت الطفيلي الإجباري الذي يعيش على جسدك، بل سيفسد البيئة ولربما ضرر المبيد أكبر من ضرر الحشرات مجتمعة، حيث أن المبيد من المحرضات على التسرطن.

وبعد رؤية الحشرات الكريهة والاصابة ببعض لدغاتها المزعجة قد يحدث عند الإنسان نوع من الوسواس الذي يجعله يعتقد أن الحشرات لا تزال تلاحقه وتطارده كأفلام الرعب والخيال العلمي ولكن بشكل مبسط، وهنا يجب نفي وجود الحشرات، ويجب استشارة أطباء المساعدة النفسية لفك هذه العقدة التي هي سبب المعاناة - ننفي هذا السبب إن كنت ترى الحشرات بعينك المجردة أو بواسطة المكبرة -، وأما الشعور فقط باللدغ وحدوث ما يشبه اللدغ أو حدوث حكة شديدة بدون اندفاع فهذا ما لا يؤيد ولا ينفي الوجود الحقيقي للحشرات.

وأحياناً يصاب الإنسان بالأكال أو بنوع من أنواع الحساسية الناكسة والتي تشبه الأكزيما وتستجيب لعلاجات الأكزيما ولكنها سرعان ما تنكس ويكون سببها تحسس وليس طفيلي حقيقي موجود، أي هي عملية إحياء ذكرى اللدغات السابقة كلها بسبب ما يثير الحساسية كلدغة أو غير ذلك.

ولذلك فإننا ننصح بمراجعة طبيب أمراض جلدية حذق مشهود له بالمهارة السريرية ليعاين الاندفاعات الجلدية وتشخيصها سريريا أو مجهرياً من خلال عينة مباشرة أو مخبرياً من خلال الخزعة، وفي حال ثبت وجود الطفيلي الذي قد يكون زائرا أو مقيماً عندها توجه قوى المكافحة ضده لا ضد المريض وذلك بالأساليب العلمية التي تضمن سلامة المصاب ومن حوله.

وإذا كان التشخيص ليس باندفاعات متعلقة بالحشرات فعندها يؤخذ الرأي ويعالج المرض الجلدي على بينة وتعلن براءة الطفيليات، وفي حال ثبت وجود الزوار من الحشرات نطلب من السلطات المحلية النجدة لبخ المكان الذي نعيش فيه ولكن بشرطين: أولهما أن تكون عندك البينة والدليل الملموس على وجود الطفيليات التي تريد القضاء عليها، وثانيهما أن لا تعايش البيت طالما أبخرة السموم تملأه بل قم بزيارة بيت قريب لليلة ريثما تخف آثار الجو المسموم.

ولا توجه كل طاقتك للقتل والتدمير بل هناك طرق وقائية تتعلق باللباس والشبابيك والنظافة، ولا تتصرف بشكل هيستيري متوتر لأن ذلك يزيد من معاناتك، بل تأكد من وجود الطفيليات ثم حاربها وأنت حاميا لنفسك من سمومها والسموم التي تحاربها بها، ولا تنس أن الكثير من الحساسيات الجلدية تشبه لدغ الحشرات وعلى رأسها الأكزيما والأكزيما البنيوية والأكالات بأنواعها، ولا تنس أن العُصابات قد تجعل الإنسان يعاني من شيء لم يصبه بسبب كرهه له وخوفه منه كعصاب المرتفعات والأماكن المغلقة، وعلاج ذلك سهل وميسور.

وعليك أن لا تنس أن أغلب الطفيليات التي تسكن على الجسد معدية وتصيب المجالسين للمريض، بينما العكس صحيح، فالطفيليات غير الزائرة هي غير معدية وقد يكون لها ذوقها الخاص في اختيار من تحب إزعاجه - أي قد يكون هناك شخصان متجاوران يلدغ أحدهما ولا يلدغ الآخر -، بينما الجرب والقمل سيصيب كل المخالطين أو المشاركين في المنزل ولو بالطريق غير المباشر، فهل هناك من يشكو غيرك مما تقول؟

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً