الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالات التوتر والرهاب الاجتماعي وعلاقتها بالقولون العصبي وأعراضه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نشكركم على ما تقدمونه من خدمات في هذا الموقع العظيم.

مشكلتي أني أعاني من بعض الأعراض مثل كثرة الغازات وأعتقد أنه القولون العصبي، وبدأت هذه الأعراض في سن 14 أو 15 سنة، علماً أني قبل هذه الفترة كنت لا أعاني من أي شكوى.

وما زالت المشكلة موجودة حتى الآن وبصورة يومية، علماً بأنها تزداد مع التوتر والقلق، كما أني عندما أذهب إلى زيارة أي أحد وأجلس عنده تبدأ الأعراض، لذلك أخاف من زيارة الأقارب البعيدين حيث أنني في الزيارة أشعر بهذه الأعراض، وهذه ليست رهبة وإنما خوف من الإحراج، وهذا القلق يزيد المشكلة، وعندما تنتهي الزيارة أشعر براحة وأن الأعراض قد قلت، وأعاني أحياناً من الوساوس الخفيفة عند الوضوء، مثل: هل غسلت يدي ثلاث مرات؟ وعند مكالمة أشخاص لا أعرفهم في التليفون -خاصة مكالمة البنات- أشعر برهبة وعندما تنتهي المكالمة أسأل وأكرر ما حدث بيني وبين هذا الشخص مع نفسي، وأيضاً في المناسبات أشعر بأني تائهة وأكون متوتراً.

وأريد الاستفسار عن شيء وهو العادة السرية حيث إني كنت أمارسها والحمد لله في طريقي للتخلص منها، ما السر في أني عند ممارستها أشعر بنشوة واختفاء أعراض القولون والإحساس وآلام البطن، وعندما تذهب النشوة ترجع الأعراض؟!

وما سر ظهور الأعراض عند الاستيقاظ وعند النوم، وفي بعض الأحيان أكون جالساً في البيت مسترخياً وعند زيارة أحد الأصدقاء أحس ببداية الأعراض علماً بأني أصبحت أخاف الخروج مع أصدقائي للتنزه والسهر خوفاً من الإحراج، وأحياناً أشعر بأعراض اكتئاب بسيطة حيث لا أريد الخروج أو عمل أي شيء، وأظل جالساً في المنزل علماً بأني أحس أني حساس زيادة، ولقد رأيت أن القولون العصبي من أسباب القلق والتوتر، وأعتقد أني أدور في حلقة مقفولة (قلق وتوتر وخوف وأعراض القولون وزيادتها، وتوتر، وزيادة في الأعراض).

أرجو من سيادتكم تحديد المشكلة التي أعاني منها والدواء المناسب، ويا ليت يكون في متناولي شراؤه، وبدائل له، والجرعة، وكيف أوقفه إذا لم أشعر بالتحسن عليه؟

وأشكركم على هذا الموقع وخدماتكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

كما ذكرت وتفضلت أنت لديك أعراض القلق والتوتر أصلاً وهي ربما تكون جزءاً من تكوينك، والقلق بصفة عامة يعتبر طاقة نفسية موجودة لدى كل الناس وهو يتفاوت من إنسان لآخر، والقلق عموماً طاقة إيجابية تُساعد الإنسان على أن يقوم بواجباته ويحسن الدافعية عنده وهو أحد وسائل النجاح، ولكن حين يزداد بالتأكيد سوف يؤدي إلى بعض الأعراض السلبية.

عموماً الربط بين القولون والعصبية والقلق النفسي أصبح الآن من الأمور المؤكدة، وحتى كلمة العصبي يقصد بها العصابي أو القلقي، ويعرف أن الأشخاص الذين لديهم قابلية للقلق ربما يظهر القلق لديهم في شكل أعراض نفسية، أي الإحساس بالتوتر والعصبية الزائدة، ولكن في بعض الحالات يكون القلق النفسي قلقاً مقنعاً ويظهر في شكل انقباضات عضلية، وأظهر وأكثر العضلات التي تتأثر هي عضلات الصدر؛ ولذا يشتكي البعض من ضيق في الصدر، وكذلك عضلات الرأس، ولذا يشتكي البعض أيضاً من صداع مزمن، وكذلك عضلات أسفل الظهر؛ ولذا يشتكي البعض من آلام في أسفل الظهر، وكذلك القولون العصبي؛ ولذا يشتكي البعض بالطبع من القولون العصبي.

إذن العلاقة بين القلق النفسي والقولون العصبي هي أكيدة، وكما أوضحت أنت بأن القلق يؤدي إلى آلام القولون الذي يؤدي إلى مزيد من القلق، وهكذا يجد الإنسان نفسه تائهاً في هذه الحلقة.

والقلق يكون كثيراً مرتبطاً بالوساوس؛ لأن الوساوس في الأصل هي نوع من القلق أيضاً، وهذا كله يؤدي إلى بعض المخاوف وإلى بعض عسر المزاج أو الشعور بالاكتئاب..

هذا هو الوضع بالنسبة لك من الناحية التشخيصية.

أما من ناحية العلاج فمن الضروري جدّاً أن يكون تفكيرك إيجابياً وألا تسترسل في التفكير السلبي، وأن تفهم وتعرف أن هذه مجرد حالة قلق ويجب ألا تشغلك، ويجب كذلك أن تعبر عما بداخل نفسك؛ لأن الكتمان وعدم التعبير عن الذات يؤدي إلى احتقانات نفسية وهذه أيضاً تؤدي إلى مزيد من القلق.

أيضاً وجد أن ممارسة الرياضة هي من أجمل وأروع طرق العلاج لعلاج مثل هذه الأعراض التي تعاني منها من قلق وتوتر ووساوس وأعراض للقولون العصبي، فعليك أن تمارس الرياضة – خاصة رياضة المشي أو الجري – بمعدل ساعة في اليوم، وأقل تقدير مطلوب هو أن تمارسها بمعدل ثلاث مرات في الأسبوع، ويحبذ يومياً في المراحل الأولى.

وعليك أيضاً أن تنظم وقتك وأن تتناول قسطاً كافياً من الراحة، فهذا يعتبر أمراً ضرورياً. وعليك أيضاً أن تتدرب وتتعود على تمارين الاسترخاء خاصة تمارين التنفس التدريجي، فهنالك عدة أنواع من هذه التمارين، وهنالك نوع بسيط يعرف باسم (جاكبسون) وهذه الطريقة هي أن تستلقي في مكان هادئ وتفكر في أمر طيب أو تستمع لشريط من القرآن الكريم بصوت منخفض وبعد ذلك تغمض عينيك وتفتح فمك قليلاً وتأخذ نفساً عميقاً وببطء عن طريق الأنف، واملأ صدرك قليلاً واجعل بطنك ترتفع قليلاً ثم أمسك على الهواء في صدرك لفترة قليلة ثم أخرج الهواء عن طريق الفم بنفس القوة وبنفس البطء، وكرر هذا التمرين بمعدل أربع إلى خمس مرات يومياً، وسوف تجد أنه إن شاء الله قد جلب لك الكثير من الراحة وذلك بجانب ممارسة الرياضة.

أما بالنسبة للوساوس الخاصة بالوضوء فهذه تعالج بالحزم الكامل وعدم التكرار، وقد أجاز العلماء الأفاضل أن الإنسان إذا جاءه مثل هذا الوسواس وهذا الشك عليه أن يستمر ولا يلتفت إلى هذا الوسواس، وإن شاء الله سوف تتغلب على هذا الوسواس البسيط، وهذا أصلاً لا يشكل لك علة أساسية بالنسبة لك، ودائماً حين تأتيك فكرة وسواسية حاول أن تتذكر الفكرة المضادة أو الفعل المضاد لها، فحين يأتيك الشك فالشك يقابله اليقين، وحين تأتيك فكرة التكرار يجب أن تفكر أنه يجب ألا أكرر، وهكذا.. إذن هذه الأفكار والأفعال المضادة هي من الوسائل والأفعال الطيبة المهمة جدّاً لعلاج الوساوس القهرية.

ما ذكرته في موضوع العادة السرية وأنك تحس بالارتياح أو النشوة حين تمارسها وتختفي منك هذه الأعراض، فلا شك أن هذه النشوة التي تحدث تجتذب مشاعر الإنسان وتوجهها نحو شيء واحد وهو إزالة القلق والتوتر عنه، ولذا تختفي هذه الأعراض، ولكن لا تنس ما يحدث من بعدها من ندم، فكل من له ضمير وكل من له يقظة وكل من هو حريص على دينه وصحته يحس بالندم، الندم الذي يجعله قلقاً متوتراً وهذا يجب أن يكون دافعاً ووازعاً قوياً للإنسان ألا يلجأ لهذه الممارسة..

وعليه أنا أدعوك أن تتوقف عن هذه الممارسة تماماً، وأنت قلت إنك في طريقك للتخلص منها، ولكن أنا أريدك أن تتخلص منها الآن، فهي تضعف الشخصية وهي إهانة للنفس، وقد وجد أنها أيضاً تؤثر على نهايات الأعصاب الموجودة في العضو الذكري أو الذكوري لدى الإنسان، وهذا يؤدي إلى خلل في أثناء المعاشرة الزوجية في المستقبل وذلك بالطبع إلى جانب الموقف الشرعي منها فهي مبغوضة ومرفوضة، وأرجو أن تبتعد عنها، وأسأل الله أن ييسر لك أمر الزواج.

بعد ذلك نأتي للعلاج الدوائي، توجد عدة أدوية علاجية تساعد كثيراً في مثل حالتك، ومن أفضل وأبسط وأرخص الأدوية من ناحية القيمة هو العقار الذي يعرف باسم (موتيفال) - وهو متوفر في مصر – فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة صباحاً ومساءً لمدة شهرين، ثم رافعها إلى حبة - ثلاث مرات في اليوم – لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك ابدأ في تخفيض الجرعة بمعدل حبة واحدة كل ثلاثة أشهر حتى تتوقف عنه.
إذن يعتبر الموتيفال العلاج البسيط والمفيد والفعال إن شاء الله.

توجد أيضاً أدوية ممتازة ولكن ربما تكون مكلفة بعض الشيء ومنها العقار الذي يعرف باسم (لسترال) أو يسمى أحياناً (زولفت)، وجرعته هي حبة واحدة - من فئة خمسين مليجرام – يومياً لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى حبة يوم بعد يوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم يتم التوقف عنه.

أسأل الله تعالى أن ييسر لك أمر الحصول على الدواء، وكما ذكرت لك أن العقار (موتيفال) يعتبر دواءً كافياً وهو غير مكلف أبداً.

أرجو أن تطبق الإرشادات السلوكية التي ذكرتها لك، وأرجو أن تركز على ما تقوم به إذا كنت تعمل، أو كنت طالباً عليك أن تستثمر وقتك بصورة إيجابية وترفع من مهاراتك؛ لأن هذا أيضاً من علاج الوساوس والأساليب المهمة للتخلص من القلق والتوتر.
أسأل الله لك العافية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً