الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاكتئاب والخمول وعلاجها السلوكي والدوائي

السؤال

السلام عليكم

أعاني من اكتئاب وخمول، ويئست من حياتي بسبب مرضي الشديد، مع أنني تناولت أدوية كثيرة للاكتئاب وارتخاء الأعصاب، وذهبت إلى بعض المشايخ ولم أستفد شيئاً، علماً بأني مريضة منذ أكثر من ثلاث سنوات، فما نصيحتكم؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الاكتئاب النفسي منتشر وله عدة أنواع، ويكثر لدى النساء بعد عمر الثلاثين، ولكن توجد الآن وسائل علاجية كثيرة وفعالة بإذن الله تعالى.

وبداية: عليك أن لا تيأسي من الحياة مهما كان الاكتئاب ومهما كانت السوداوية في الأفكار ومهما كان هذا الخمول وعدم الاستفادة من الأدوية، فلا تجعلي ذلك سبباً لليأس أبداً، فالحياة هي نعمة من الله لنا والحياة فيها الكثير مما هو جميل والحياة يمكن أن يستثمرها الإنسان بفائدته ولمصلحة الآخرين أيضاً، وإذا تأملت ستجدين أن لديك أشياء كثيرة يجب أن تعيشي من أجلها، ففكري كمسلمة أنه لا يأس أبداً مع الحياة ولا يأس أبداً مع الأمل، وهذه الأفكار الشريرة التي تأتي للإنسان يجب على الإنسان أن يستغفر الله منها ويسأل الله أن يرفع عنه هذا الكرب وهذه الأحزان، وسوف تزول -إن شاء الله تعالى-.

وعليك أيضاً أن تنظري إلى الجوانب الإيجابية في حياتك، وتحاولي أن توسعي هذه الإيجابيات وتبني عليها بإنجاز أعمال أخرى، وهذا سوف يؤدي إلى نوع من المكافأة أو التحفيز الداخلي الذي من خلاله يمكن محاصرة وهزيمة الاكتئاب.

وأرجو أن تخصصي أوقاتاً للتواصل مع الآخرين وزيارة أرحامك، فالتواصل الاجتماعي وممارسة أي نوع من الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة، وكذلك حضور الدروس الدينية المفيدة يجعل الإنسان يستشعر قيمته ويلتقي مع الصالحين من الناس، وهذا يؤدي أيضاً إلى دافعية إيجابية تقلل من الاكتئاب.

وفيما يخص الذهاب إلى المشايخ فلا شك أن الرقية الشرعية مطلوبة في حياة كل مسلم، ولكن فوق ذلك لابد للإنسان أن ينتهج المنهج الإيماني الصحيح، وذلك بالمحافظة على صلواته وعلى عباداته وتلاوة الورد القرآني اليومي والدعاء وصلة الأرحام وعمل الخير أياً كان، فهذا دافع أيضاً نحو أن يزول هذا الاكتئاب، فأرجو أن تكوني حريصة على ذلك.

وقد ذكرت أنك تناولت أدوية كثيرة، وبعض الناس يتناول أدوية كثيرة ولكن تكون بجرعات غير صحيحة أو ليست بالمدة المطلوبة أو يتناول أكثر من دواء في نفس الوقت وتكون هذه الأدوية متعارضة، وربما يكون كلامي هذا لا ينطبق عليك، ولكن وددت أن أنبه إلى الضوابط العلاجية التي تحكم العلاج الدوائي الصحيح، حيث يجب أن يكون بالجرعة الصحيحة وللمدة الصحيحة وأن يُوصف بواسطة الطبيب المقتدر.

وأنت لم تذكري الأدوية التي تناولتها، ولكني أعتقد أن مضادات الاكتئاب الحديثة سوف تكون فعالة ومفيدة بالنسبة لك، فهناك عقار يعرف باسم (زولفت) ويسمى أيضاً باسم (لسترال)، فيمكنك أن تبدئي في تناوله بجرعة حبة واحدة – خمسين مليجرام – لمدة أسبوعين ثم بعد ذلك ترفعي الجرعة إلى حبتين – مائة مليجرام – في اليوم، ثم بعد مضي شهر من بداية هذه الجرعة – حبتين في اليوم – ارفعي الجرعة إلى ثلاث حبات – مائة وخمسين مليجرام - في اليوم، وهذه تعتبر جرعة علاجية صحيحة عليك أن تتناوليها يومياً لمدة ستة أشهر، وبعد ذلك ابدئي في تخفيض العلاج بمعدل حبة واحدة كل ثلاثة أشهر.

وهناك بعض الأدوية التدعيمية التي تستعمل مع الزولفت أو الأدوية المتشابهة، ولكن في هذه المرحلة أرجو أن تستمري على دواء واحد حتى نضمن أنه لن تكون هنالك أي تفاعلات سلبية بين الأدوية.

وهناك أدوية أخرى كثيرة، فهنالك عقار أيضاً يعرف باسم (سبراليكس) يعتبر من الأدوية الحديثة الجيدة جدّاً، كما أن (الإيفكسر) يعتبر أيضاً من الأدوية الممتازة والمتميزة، وإذا قمت بمقابلة الطبيب النفسي فيمكنك أن تطرحي عليه هذه الأطروحات، فأي طبيب نفسي يعرف هذه الأدوية ويعرف الجرعة الصحيحة.

وهناك نوع من العلاج يعرف باسم (العلاج المعرفي السلوكي)، وهو يقوم على تغيير الأفكار الخاطئة التي تصاحب الاكتئاب النفسي، وهناك أحد العلماء يعرف باسم (آرون بك) يعتقد أن الإنسان قد يجلب الاكتئاب لنفسه وذلك بتفكيره السلبي حيال نفسه وحيال حاضره وماضيه ومستقبله، بمعنى أن الفكر السلبي هو الذي يؤدي إلى الاكتئاب.

وهذه حقيقة نشاهدها كثيراً لدى الناس، وفي هذه الحالة ننصح بما يعرف بالعلاج المعرفي السلوكي والذي من خلاله يمكن أن تغير الأفكار السلبية إلى أفكار إيجابية، وللحصول على أفضل النتائج لهذا النوع من العلاج يجب أن يكون تحت إشراف أحد المختصين ويفضل الأخصائي النفسي وليس الطبيب النفسي، ويمكنك الاطلاع على علاج الاكتئاب سلوكياً في الاستشارات التالية: (237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121).

وأؤكد لك أنه لا يأس مع الحياة مطلقاً، وأن الحياة جميلة وطيبة، وأن فرص العلاج دائماً متوفرة بإذن الله تعالى، نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً