الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأفضل بقاؤك مع أبويك والصبر على جفاء أبيك

السؤال

إنني وأهلي جميعا نعاني من مشاكل مع أبي فهو بخيل جداً وفوق ذلك لديه صفات سلبية مثل الكلام البذيء مع إخوتي بالرغم من الدرجة العلمية التي حصلنا عليها فأنا مهندس وأدرس الماجستير الآن وأختي طبيبة أسنان وبقية إخوتي هم في المدرسة الآن وهو كذلك سريع الغضب لأتفه الأسباب ويهين أمنا أمامنا ودائم الخلاف معها وغالبا ما يكونا متخاصمين (مع العلم بأن أمي ذات أخلاق طيبة ومتدينة) أحس بأنني أفضل إخوتي بالتوجه إليه ولكن هو لا يقدر ذلك، لا أدري ماذا أفعل أحاول السفر ولكن لأبتعد عن أبي ولكني أحب إخوتي وأمي كثيرا وأنا أحاول أن أعوضهم عن الشيء الذي فقدناه منه وأمي دائما تتمسك بي وتطلب مني أن لا أبتعد عنها لكي لا تواجه أبي وحدها، المشكلة أن أبي يظهر أنه رجل متدين يصلي في المسجد ويقرأ القرآن في رمضان الماضي سافر إلى السعودية فارتحنا أنا وإخوتي وأمي وعشنا أياما سعيدة وترك مصروف المنزل وبعض الديون علي لأواجه الناس بها مع أني كنت متخرجا حديثا ومع ذلك كنت راضيا لأجل أن أكون مرتاحا أنا وأهلي، وبعد ذلك طلب منا أن نبعث إليه بالمال فبعثت إليه مبلغا كبيرا لكي يعمل هناك ثم عاد بعد عدة أشهر بعد أن كان ترك المال هناك مع شريكه ونشب الخلاف بينهما وضاع المال الذي تكبدت بسببه الكثير من الدين ولا أزال، وهو الآن لا يعمل وأنا متكفل بمصروف البيت حتى أنه أحيانا لا يبقى معي لآخر الشهر ما يكفي للذهاب لعملي، وأنا لا أرضى أن أطالبه بشيء لأني أخشى أن أكون بذلك أعقه، حيث إننا عندما نبدأ النقاش دائماً ينتهي بالغضب ولا نصل لنتيجة، أنا أعرف أنني أعامله بقسوة بالكلام أحيانا عندما أغضب ولكن ذلك ليس بيدي أحس أنني يجب أن أحترمه أكثر، ولكن لا أستطيع أحاول التقرب منه ولكن هو لا يسأل عني ولا عن أحوالي ولا تهمه مشاكلي ولا مشاكل إخوتي حاولت مرات أن أتعود على تقبيل يده فأصبح يقول لي إنني بذلك أضحك عليه وأمي تقول لي أن أواجهه ولا أسكت له، أنا لدي مشايخ وأساتذة لي أستطيع أن أستشيرهم ولكني أخجل ولا أحب أن يعرفوا لكي لا يفضح أبي، أعترف بأن لأبي الفضل بأنه عودني على الذهاب إلى المسجد، أبي قادر على العمل ولكنه لا يبحث عن العمل وهو كذلك يقوم بتوفير المال ولا يقوم بالصرف على البيت وأتحمل أنا ذلك، لا أدري ماذا أفعل كيف أتصرف معه كيف أحسن تواصلي معه... أظن أن أفضل حل هو أن أبتعد عنه وأسافر، أنا الأخ الأكبر لذلك كل المشاكل علي؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

لا يجوز لك أن تقسو على أبيك فتجادله أو ترفع صوتك عليه، أو غير ذلك مما هو أشد منه مهما كان منه معك أو مع غيرك، لكن لك نصحه إن أساء أو ظلم دون جدال أو رفع صوت عليه، وأما ما تبذله له من مال فيجب عليك قدر طاقتك وقدر حاجته إن كان محتاجاً؛ وإلا فلا يجب ذلك لكنه هو الأولى.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أنه لا يجوز لك أن تقسو على والدك مهما كان منه من ظلم وإساءة عليك أو على غيرك، لكن لك نصحه ووعظه وتذكيره بأسلوب هين لين لا جدال فيه ولا رفع صوت عليه، ولك الأجر على صبرك على جفائه والمثوبة على بره ومصاحبته بالمعروف.

وأما ما تنفق عليه وتبذل له من مال.. فإن كان بحاجة إليه فقيراً لا مال عنده فيجب عليك ذلك، وإلا فلا يجب وإن كان فعل ذلك محموداً، لما فيه من إرضائه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الرب من رضا الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. رواه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو، وهذا مشروط بألا يؤثر على نفقتك الواجبة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 1249.

ويلزمه أن ينفق على أمك إن كان لديه ما ينفقه، وأما قسوته عليها فهي ظلم وسوء عشرة لا يجوز له فعله، لكن ذلك لا يبرر لكم عقوقه والإساءة عليه أو هجره، بل ينصح ويذكر سيما وهو يصلي في الجماعة ويقرأ القرآن، فحري به أن يبدل من حال الشدة والعنف إلى حال الرفق والرحمة وحسن الخلق مع زوجته ومع أبنائه، ولكم تسليط بعض الدعاة وطلبة العلم وأهل الفضل عليه ليبينوا له ذلك عله يستجيب.

وأما سفرك وبعدك عنه فليس حلاً، ولا ينبغي لك لتعلق أمك بك وحاجتها إليك في وجودك معها ومع إخوتك، وانظر لذلك الفتوى رقم: 80503، وأفضل الحلول هو بقاؤك معهم وصبرك على أذى أبيك فأنت مأجور عليه، وسيجعل الله لك من همك فرجا، ومن كربك مخرجا، ومن عسرك يسراً. قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3459، 8173، 9647، 50556، 40427.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني