السؤال
اشكركم جزيل الشكر على سعة صدروكم... إخواني في الله لا أعرف من أين أبدأ فأنا أسيرة الأحزان لم أنعم بحرية الفتيات فمنذ أن بلغت وأنا مسؤولة عن كل شيء في داخل أسرتي وحتى خارجها، آخذ مدخول أبي وأمي وأتصرف فيه حتى النوم حرمت منه وكلما يخصني كفتاة بسبب مسؤوليتي الكبيرة تقاعد والدي إلا أن الضيق زاد علي فهما لم يساعداني في شيء، توفي والدي أصبحت أمي كضيفة عندي حتى باقي إخوتي، أنا الأم وأنا الأب، أما عني فلا شيء بعد هذا الضغط النفسي والعصبي أصبت بالصرع سبع سنوات حتى الآن تتحسن حالتي أسبوعا وأنتكس شهراً وهكذا، ولا زالت مسؤوليتي، كل متنفسي أني أذهب لأحد المساجد البعيدة من بيتي أقرأ القرآن وأدعو الله مخرجا من عنده فهو على كل شيء قدير، فأنا أبلغ من العمر الأربعين لم يتسن لي الزواج حتى أني كرهته لخوفي من ازدياد مسؤوليتي، لدي أربع أخوات أصغرهم في الخامسة والعشرين، فأنا الآن أعمل في محل الإنترنت صباحا لعلي أجد بعض السلوى لأعود إلى همي وبيتي وأولادي كما أسميهم واعتاد لساني هذه الكلمة ليس لي صديقات، فأرجو ألا تبخلوا علي بالنصيحة، أما العمل فهو عمل الله سبحانه وتعالى؟ وشكراً جزيلاً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان أبواك حملاك تلك المسؤولية وأرغماك عليها، فذلك ظلم منهما لك... وينبغي أن تستغفري لمن مات منهما وتسامحي من بقي، وأما إن كنت أنت تحملت ما تحملت طائعة فلا تكونين مظلومة، ولك الأجر في ذلك إن نويت بر والديك والإحسان إليهما ومساعدتهما في تحمل مسؤولية البيت.
وما كان ينبغي للأحزان والهموم أن تسلك إلى قلبك وأنت تقرئين كتاب الله وترعين أهلك وتقومين عليهم ولو فقدت بعد ذلك ما فقدت، فاحمدي الله تعالى واشكريه أن رزقك وهيأ لك من الثقة ما يجعلك صاحبة الكلمة في بيت أهلك والراعية لأسرتك، فاليد العليا خير من اليد السفلى، وإذا رزقك بعد ذلك رضى والديك عنك وبما تقومين به سيما من بقي منهم وهي أمك فتلك نعمة وأي نعمة، فاسأليه سبحانه أن يحقق لك تلك المنية ويبلغك تلك البغية، ويكمل سعادتك بزوج تقر به عينك وتسعد به نفسك في الدنيا والآخرة، ويكون عوناً لك على ما أنت فيه.
فاحتسبي أجر ما تقومين به تجاه أهلك واقرئي كتاب الله ولا تملي آياته ففيها سلوى عن الأحزان، وأكثري من الدعاء واستيعني بالصبر والصلاة، وبثي همك إلى خالقك كما فعل يعقوب عليه السلام، قال الله تعالى عنه في كتابه: قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {يوسف:86}، فكشف الله همه وأذهب غمه وأتم عليه نعمته فهو ولي ذلك والقادر عليه، وننصح إخوانك بمساعدتك فيما أنت فيه وعدم ترك أعباء ومسؤولية الأسرة كاملة عليك، ولا حرج في نصحك لهم بذلك.
والله أعلم.