الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإحسان إلى الوالدين واجب ولو كانا مسيئين

السؤال

أرجو منكم التكرم بالإجابة في أسرع وقت ممكن مشكلتي يا سيدي هي مع والدي ومع أمي، حيث إن والدي ووالدتي يحبونني جداً جداً لدرجة أن والدتي تغار علي من زوجتي ومن وقت ما فكرت في الزواج وتزوجت وقد تحولت حياتي إلى جحيم لسبب واحد وهو أنني مغترب وطلبت أن تكون زوجتي معي في الغربة حيث إنني أعمل بوظيفة لا تسمح لي بإجازة أكثر من شهر كل عام، وأنا شاب عمري 29 عاما وفتن الحياة كثيرة جداً وأنا عاهدت ربي أن لا أفعل الحرام طوال عمري وكذلك هذا حق زوجتي علي، الجزء الثاني من المشكلة.. والدي كان يعمل معي بنفس الدولة الخليجية التي أعمل أنا بها وكنا نحن الاثنان بإجازة منذ عام تقريبا وهذه الإجازة هي التي تزوجت في وقتها المهم أنا والدي أصيب في رجله وهو مريض بالسكري وقرر الأطباء بتر أحد أصابع رجله، وفعلا تمت العملية وتم بتر الأصبع ولأن والدي قارب على الستين عاما تأثر بهذه العملية كثيرا، وقت إجراء العملية كان قبل أسبوع من موعد انتهاء تأشيرة الخروج والعودة الخاصة بوالدي ولم يكن يستطيع أن يسافر، ولكنه يريد أن يسافر حاولت أنا معه بشتى الطرق بتدخل أفراد العائلة وفي النهاية أقنعته بعدم السفر خوفا على صحته وفعلا لم يسافر، ومنذ ذلك الوقت والدي نادراً ما يعاملني معاملة جيدة حيث دائم الغضب مني ودائم السب في فما هو ذنبي، فهل لأنني أخاف عليه وعلى صحته هل هذا الذنب أستحق عليه كل هذه الإهانات، أنا متكفل بجميع مصاريف والدي ووالدتي وإخواني منذ سنة تقريبا وأرسل لهم نصف راتبي تقريبا كل شهر والمبلغ المرسل يكفي لمصاريف أي بيت ويزيد حيث إننا نعيش في مصر وفي الصعيد تحديداً والحياة ليست مكلفة هناك، فأرجو منكم الإفادة كيف أتعامل مع والدي وأنا قد تعبت من تحمل أسلوبه في معاملتي دائما يسبني أمام زوجتي وأمام الناس وأمي قالت لي بأنها تعتبرني في حكم الميت بسبب أني أخذت زوجتي لتعيش معي في الغربة، فأرجو الإجابة فأنا أتحطم في اليوم ألف مرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد فرض الله عز وجل بر الوالدين وطاعتهما في المعروف، فجعل حقهما آكد الحقوق وأعظمها بعد حق الله تعالى، فقال الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:26}، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23}، فيجب الإحسان إلى الوالدين ولو كانا مسيئين، ومع ذلك فالأب كغيره لا يجوز له أن يسيء إلى ولده ولا أن يؤذيه، كما لا يجوز له أن يؤذي أي مسلم أو يسيء إليه، ولكن الأب لو أساء إلى الابن فليس للابن أن يرد على إساءته بالمثل.

وفيما يخص ما ذكرته من أنك مغترب وتريد أن تكون زوجتك معك في الغربة خشية أن تقع في الفتن أو تقع زوجتك في ذلك، وأن هذا هو سبب كثير مما تعانيه من والديك.. فجوابه أن ما أردته هو من حقك ومن حق زوجتك، وليس لأي أحد أن يمنعكما منه، فمن حق الزوجة على زوجها أن لا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر إلا برضاها، لما روى عبد الرزاق في مصنفه: أن عمر رضي الله عنه سأل حفصة: كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر. ولا سيما في هذا الزمن الصعب الذي كثرت فيه الفتن، وتلاطمت فيه أمواج الشهوات.

أما إذا خشي المرء من الوقوع في الحرام أو خشي على زوجته من ذلك قبل مضي هذه المدة، فيجب عليه إحضارها ولو لم يأذن الوالدان، لأن طاعة الوالدين واجبة في المعروف فقط، فإن أدت إلى الوقوع في الحرام فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ومع هذا نوصيك بالرفق بأبويك، وأن لا تنقطع عن زيارتهما ومتابعة أحوالهما كلما أتيحت لك الفرصة لذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني