السؤال
في المسجد الذي نصلي فيه هناك بعض المصلين لا يتخذون سترة أمامهم. فهل يجوز المرور أمامهم بترك مسافة بيننا وبينهم أم لا؟ ومن الآثم في هذه الحالة؟
في المسجد الذي نصلي فيه هناك بعض المصلين لا يتخذون سترة أمامهم. فهل يجوز المرور أمامهم بترك مسافة بيننا وبينهم أم لا؟ ومن الآثم في هذه الحالة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يستحب للمصلي أن يتخذ سترة وأن يدنو منها، ومحل الاستحباب ما لم يخش المرور بين يديه، فإن خشيه وجب عليه اتخاذها، كما يجب عليه أن يدفع المار بين يديه، سواء كان إنساناً أو بهيمة، وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى: 49124
وأما بالنسبة لحكم المرور بين يدي المصلي؛ فهو محرم، سواء اتخذ سترة أو لم يتخذ، وسواء كان يصلي فرضاً أو كان يصلي نفلاً، وسواء وجد المار مندوحة عن المرور أو لم يجد، على القول الراجح من أقوال أهل العلم، ويستثنى من هذا الطائف حول البيت لورود الدليل المبيح له، ومثله من اضطر للمرور لحاجة، فقد روى البخاري عن أبي صالح السمان قال: رأيت أبا سعيد الخدري في يوم الجمعة يصلي إلى شيء يستره من الناس، فأراد شاب من بني أبي معيط أن يجتاز بين يديه، فدفع أبو سعيد في صدره، فنظر الشاب فلم يجد مساغاً إلا بين يديه، فعاد ليجتاز فدفعه أبو سعيد أشد من الأولى، فنال من أبي سعيد ثم دخل على مروان فقال: مالك ولابن أخيك يا أبا سعيد؟ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان .
وفي الصحيحين عن عبد الله بن الحارث بن الصمة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه "من الإثم" لكان أن يقف أربعين خيراً له أن يمر بين يديه. قال أبو النضر -أحد رواة الحديث- لا أدري قال: أربعين يوماً، أو شهراً، أو سنة؟ متفق عليه.
قال الحافظ ابن حجر: وظاهر الحديث يدل على منع المرور مطلقاً ولو لم يجد مسلكاً، بل يقف حتى يفرغ المصلي من صلاته، ويؤيده ما يأتي من قصة أبي سعيد مع الشاب، فإنه لم يجد مساغاً. اهـ.
وأما قدر المسافة التي تتركها بينك وبين المصلي إذا لم يتخذ سترة ثم تمر من ورائها: فلم يرد في تحديدها دليل صحيح صريح، ومن ثم اختلف العلماء في تحديدها على أقوال: فقيل: ما يحتاج إليه المصلي في ركوعه وسجوده، وقيل: بحيث لو مشى إليه ليدفعه بطلت صلاته، وهو اختيار ابن قدامة في المغني، وقيل: ثلاثة أذرع، والراجح أنه يحد بالعرف فما عده الناس قريباً فهو قريب، وما لم يعدوه قريباً فهو بعيد كمن يمر خلف السترة، وقد تقرر عند العلماء أن اللفظ إذا لم يحد في الشرع ولا في اللغة، فيحد بالعرف. وهذا اختيار الشيخ ابن باز -رحمه الله- في تعليقاته على فتح الباري.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني