الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض أبوه زواجه قبل أخواته فتزوج ليحصن نفسه

السؤال

أنا آنسة أبلغ من العمر 33 سنة ولي أخت وأخوان نشأنا فى أسرة مفككة، أب وأم مطلقان، نحن كلنا خريجو جامعات (تعليم عالي)، ولكن لي أخ من إخواني كان متفوقا جداً وعنده ثقافة عالية ومطالعةعلى كل المجالات السياسية والأدبية والعلمية فتوسم فيه والدي بمستقبل باهر وسعى له فى مجال الخارجية والسياسة حتى يضمن له مركزا مرموقا موافقا لإمكانياته العلمية والثقافية والحمد لله ساعد على ذلك المستوى الاجتماعي الفوق متوسط بالنسبة لعائلتي أبي وأمي وتقدم أخي للامتحان عدة مرات حتى استجاب الله لدعاء أبي ومجهوداته مع أخي وتم قبوله فى الخارجية كدبلوماسي وكانت فرحتنا به كبيرة جداً، وتعين أخي واستمر بالعمل هنا فترة حتى بدأ يسافر للخارج وبعد رجوعه من أول سفرية له بعد عام تقريباً صارحنا بأنه يريد الزواج بفتاة هي أخت لصديقه ولكن قوبل هذا الطلب بالرفض الشديد من جهة أبي لأنه يرى أنه ليس من حقه التفكير فى الزواج حتى نتزوج أنا وأختي أولاً وأنه مسؤول عنا ومتكفل بنا وعلى حد قوله لأخي أنا ما وصلتك لهذا المركز لتترك أخواتك وتتزوج وعلى العلم بأنني أنا وأختي وأخي الآخر نعمل ولدينا مرتباتنا ولا نحتاج لمن يصرف علينا سواء كان هذا الشخص أبي أو أخي وأننا ليس لدينا أي اعتراض على زواج أخي قبلنا فالله لا يرضيه أن أخي يسافر لبلاد كثيرة ويكون وحيداً وعرضة لفتن كثيرة من الممكن التعرض لها في أي دولة سواء كانت إسلامية أو غيرها، ولكن لم تنفع أي محاولة مع أبي من جهة أخي ولم نقدر على أن ندخل أي طرف من العائلة، لأنها كلها عندها تكبر عال جداً وعندها أن الأمر الأول والأخير لأبي حتى ولو كان خطأ وأن هذه الفتاة التي اختارها أخي لتكون زوجته ليست من نفس مستوانا وليست جميلة ولا غنية وتكبره بعامين وبعد أن أوضح أخي أنه لا تهمه هذه الشكليات وأنها فتاة متدينة وهو راض بها ويعلم جيداً مستواها الاجتماعي والمادي، ولكنها أيضاً متعلمة تعليما عاليا وتتكلم لغات فهي سوف تتكيف مع طبيعة عمله بالخارج فلم لا هذا إلى جانب ميله لها عاطفياً، ولكن كان هذا بدون جدوى ونحن أخذنا صف أبينا وقلنا له إن الموضوع لا يستلزم معاداة أبيك لأن البنات كثيرات وربنا يكرمك بأحسن منها، فوافقنا وقال لنا خلاص الموضوع انتهى، وسافر أخي لدولة أخرى وعلمنا من أحد أصدقائه بعد ما سافر أنه كتب كتابه على هذه الفتاة قبل أن يسافر وعندما كلمنا من الخارج سألناه وأجاب بنعم أن هذا قد حدث، وكانت طبعاً الطامة الكبرى علينا كلنا وعلى أبي بوجه خاص فاتهمه بالعقوق ومخالفته رغبته، وإما أن يطلقها أو يعتبره مات، ولكن أخي أصر على مواصلة زواجه وأن هذا حقه وليس من حق أي أحد أن يختار له حياته، وفعلاً كانت النتيجة أن قاطعه أبي كلياً ونحن بالتبعية طبعاً، وكانت كل ما تأتي سيرة أخي كان أبي يدعو عليه إما بالموت أو العجز أو الفقر أو أي شيء هو وزوجته التي سافرت له بعد ثلاثة شهور، وكانت من النتائج لهذا الزواج أيضاً أن أبي أمرنا بمقاطعة أمي لأنها وافقت على زواج أخي من هذه الفتاة على الرغم من أنها ليست قريبة لأمي ولا تعرفها أصلاً، ولكن أمي من الشخصيات السلبية وهي وافقت لأنها قالت إنه سوف ينفذ ما يريده ويتزوجها فلماذا أخسر ابني للأبد والآخر كل شيء قسمة ونصيب وأنه هو المتحمل نتيجة اختياره هذا وليس أحداً آخر.الشاهد أننا ظللنا مقاطعين أخي سنة ونصف تقريباً لا نكلمه ولا نرد عليه إذا هو اتصل بنا، وأجبرنا أبي على عدم زيارة أمي لمدة ثمانية أشهر وكانت هذه هي العقوبة الكبرى لنا ولها وبعد اتفاقيات سمح لنا أن نذهب إليها مرة واحدة كل أسبوع لا تتعدى السبع ساعات وبطبيعة أعمالنا فلم نتمكن من زيارتها سوى هذه الفترة المحددة لنا، والآن لقد عاد أخى من الخارج وقد أنجب ولدا وتمت بيننا المصالحة بتدخل أمي ووجدنا أن زوجته سيدة صالحة وفى حالها وتتمنى رضانا بأي طريقة وهي تخدم أخي وأمي بتفان شديد ولقد خصص لنا أخي مبلغا كبيرا لكل واحد منا نحن الثلاثة وحاول مع أبي عدة مرات ليكلمه وينتهى هذا الخلاف، ولكن أبي ظل على عناده وموقفه المتزمت الشديد وأمره أن يطلق زوجته طلقة بدون رجعة ويرمي لها الطفل ويأتي له بمفرده وهذا أبسط جزاء لها على أنها أخذته بدون موافقة أهله، ولكن أخي رفض بالطبع وأنه لن يرمي زوجته وابنه ولن أتاخر عليك ولا على إخوتي في أي شيء تريدونه فهذه حياتي وأنا عملت شقتي وجهزتها ولم آخذ مليما من أحد أبداً وساعدنا بمبلغ كبير من المال لجهازي أنا وأختي ومبلغ لأخي الآخر، فهل بعد هذا كله يعتبر أخي عاقا لأبيه، وهل من حق أبي أن يحرمنا من أمي وأخي تحت اسم بر الوالد وأنه لو سامح أخي فلن ينال عقوبة الابن العاق ولن يسامحه حتى لا يسامحه الله؟ وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا طاعة لأبيكم إن منعكم من صلة أمكم أو أخيكم لأن الطاعة إنما تجب في المعروف، ولا معروف في قطع صلة الرحم الواجبة، وأما زواج أخيكم دون رضاه فما كان له أن يفعل ذلك لأن أهل العلم أوجبوا طاعة الأب إن منع من نكاح امرأة بعينها، ما لم يخش الوقوع في المعصية معها إن لم يتزوجها، لكن ما دام سبب رفض الأب هو كون الزواج قبل زواج الأخوات وليس اعتراضاً على تلك الفتاة بعينها فلا طاعة له، ولا يكون زواج الابن عقوقاً لأنه يريد تحصين نفسه، وقد نكح امرأة صالحة فلا نرى عقوقاً فيما فعل.

وعلى كل فالواجب هو محاولة ترضية الأب وتوسيط بعض من لهم وجاهة عنده للتأثير عليه ومصالحة ابنه فذلك أولى لكم جميعاً، وأما طلاق الأخ لزوجته إرضاء له فلا يجب عليه ذلك، وللمزيد من ذلك انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 63267، 1549، 3651، 106521، 11550، 20947.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني